الجمعة 24 مايو/أيار 2019
أنقرة تتراجع عن دعم الشراكسة، تحت ضغط من موسكو وبدافع من قلقها
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
24 مايو/أيار 2019
ستاونتون، 23 مايو (أيار) — كان الروس دائمًا مهووسين بالمهاجرين أكثر من الشعوب الأخرى لأن الكثير من تاريخهم القومي تكوّن من قبل أولئك الذين انتهوا طوعًا أو لا إراديًا في الخارج ثم عادوا عقائدياً أو بشكل فردي لتحقيق التحولات في بلادهم.
كان هذا الموقف موجودا على نطاق واسع في الحقبة السوفيتية لأن الثورة البلشفية صنعتها جماعة تقودها مجموعة من المهاجرين الذين عادوا قبل بضعة أشهر من الثورة وعلى حد تعبيرهم ”قلبوا العالم رأسا على عقب“. وهذه المواقف السوفيتية ليست استثناء.
يولي نظام بوتين اهتمامًا كبيرًا بالمهاجرين أكثر من أي دولة معاصرة أخرى، كما أن اهتمامه ليس سوى شيئا فاتراً. فبدلاً من ذلك، تعمل موسكو على التأكد من أن أولئك الذين قدموا من روسيا والذين يعيشون الآن في الخارج يتعرضون إلى وقت عصيب قدر المستطاع إلا إذا كانوا مستعدين للعمل نيابة عن الكرملين.
إن موسكو اليوم مهووسة بشكل خاص بالجماعات غير الروسية لأن هجماتها على الشيشان الذين يعيشون في الخارج ومع الجماعات غير الأرثوذكسية تتجلى في جهودها لضمان أن الدول الأخرى لا تقدم حق اللجوء لشهود يهوه (Jehovah’s Witnesses) حتى مع أن القمع الروسي يدفع الكثير من هاتين الطائفتين وكذلك غيرهما للبحث عن ملجأ في الغرب.
ولكن ربما يكون الشتات الذي يهم موسكو الآن أكثر من غيره هو الذي وُجِدَ منذ أكثر من قرن وأعداده أكثر من خمسة ملايين، وهم الشركس، الذين يهدد نشاطهم المتزايد في الخارج وفي الداخل النظام الذي فرضته موسكو في شمال القوقاز (jamestown.org/program/circassians–mark–two–important–anniversaries–and–look–to–future–with–confidence).
استخدمت موسكو استراتيجيتين ضد هذه المجموعة التي طالما حظيت ببعض الدعم من الحكومة التركية، وهو الدعم الذي كان دائمًا محدودًا بسبب نهج أنقرة المتعلق بتمحور تركيا ومخاوفها من أن تقديم الكثير من الدعم للشركس يمكن أن يؤجِّج العلاقات مع موسكو ويقوض التماسك الداخلي في ضوء مشكلة الأكراد.
فمن جهة، سعت الحكومة الروسية إلى تقسيم المجتمع الشركسي من خلال إنشاء منظمات غير حكومية بديلة وموالية لروسيا بين الشراكسة وعبر نشر ممثلي الجمهوريات في شمال القوقاز الذين يجبرون أن يكونوا موالين لموسكو للتفاعل مع تركيا باعتبارها الصوت ”الحقيقي“ للشركس (paragraphs.online/article/382-cherkesskaya-diaspora-vystupit-provodnikom-kontaktov-mezhdu-rossiey-i-turtsiey).
ومن ناحية أخرى، أثارت موسكو مخاوف من الأكراد لحث تركيا على التراجع عن دعم الشركس، وهي المخاوف التي نمت فقط في الآونة الأخيرة بسبب التطورات في سوريا والحجج الروسية التي أصبح الأتراك الآن أكثر استعدادًا للاستماع إليها بسبب التقارب الحالي لحكومة أردوغان مع روسيا.
وقد أدى ذلك إلى تطورين ملفتين في الأسبوع الماضي وغير مرحب بهما لدى الشراكسة. حيث أنه لأول مرة منذ 15 عامًا، منعت السلطات التركية مسيرة الشركس للقنصلية الروسية في إسطنبول في 21 مايو/أيار، وهو اليوم الذي يتذكر فيه الشركس ترحيلهم الذي تم في عام 1864 من قبل موسكو (kavkaz–uzel.eu/articles/335738/).
وفي نفس اليوم، منع نواب من الحزب الحاكم في تركيا النظر في قرار يعلن أن هذه الأحداث كانت إبادة جماعية، وهو إجراء لا يعكس على الأرجح التأثير الروسي فحسب، بل مخاوف تركيا من أن أي تحرك في هذا الموضوع سيفتح الباب لمناقشات جديدة حول الأرمن في عام 1915 (facebook.com/asker.sokht/posts/2674887175886369).
قد يكون بعض الشراكسة محبطين من هذه التطورات، لكن لا ينبغي أن يكونوا كذلك. إنهم يظهرون مدى أهمية حركتهم الوطنية في عيون موسكو، ومن المؤكد أن أي نهج تركي يتم تبنيه الآن عندما تكون علاقات أنقرة بموسكو دافئة يكاد يكون من المؤكد أنه سيتم تغييره باتجاه معاكس عندما تبرد العلاقات حتماً يوما ما.
المصدر:
http://windowoneurasia2.blogspot.com/2019/05/ankara-under-pressure-from-moscow-and.html