تداعيات تعديل الدستور الروسي في أبريل/نيسان 2020 (3)
عادل بشقوي
1 يوليو/تموز 2021
استكمالا لمقال سابق نُشِر بتاريخ 24 يونيو/حزيران بعنوان ”قراءة واقعية في إستراتيجية كافِّيد“ وما تلاه، يتم في هذا المقال نشر بقية المعلومات المتعلقة بالنشاطات التي جرت خلال السنوات الماضية والتي لها علاقة مباشرة بالقضية الشركسية والشؤون القفقاسية الأخرى.
— بتاريخ 9 يونيو/حزيران 2018 نشرت مدينا خاكواشيفا (Madina Khakuasheva)، وهي كبيرة الباحثين في معهد قباردينو– بلكاريا لأبحاث العلوم الإنسانية، مقالا تحدثت فيه عن التعديلات والتغييرات التدريجية التي تجري في الفيدرالية الروسية على قانون التعليم، حيث جاء فيه: ”لدينا قناة اتصال مقدسة واحدة فقط — من أعلى إلى أسفل، لكن لم تعمل من أسفل إلى أعلى لفترة طويلة، فقد كانت تعمل في وقت واحد. لكن هذا الظرف بالتحديد هو الذي يشكل ”كعب أخيل“ للممثلين الفيدراليين لفروع الحكومة المختلفة، حيث أن الخطاب الذي ما زالوا يستخدمونه، دون مزيد من اللغط، قد تأخر لمدة 50 عامًا ولم يؤخذ على محمل الجد نسبيًا“. واضافت الكاتبة: ”كانت غالبية الناس طوال هذا الوقت أكثر صمتًا بسبب هذا الاتصال أحادي الإتجاه، لكن ليس فقط بسبب التعب واللامبالاة وعبثية المراسيم الصادرة (كما تعلمون، فإن الأمر الأصعب ما يمكن التنازع فيه هو السخافة، خاصة إذا كان ذلك الأمر واضحًا). لكن حتى من صمت الناس وصبرهم، تَعَلّم أولئك الذين هم في السلطة أن يضُخُّوا المكاسب، وفسَّروا الصمت على أنه علامة الرِّضا. لكن كان ذلك هو الحال حتى مشروع القانون الحالي، الذي كان نوعًا من الخط الأحمر، والذي أدى تقاطعه إلى تغيير كل شيء“.[1]
— في مارس/آذار 2020، وعلى ضوء تأييد رئيس الجمعية الشركسية العالمية، حاوتي سخروكوف للرئيس الروسي فلاديمير بوتين إدخال تعديلات على الدستور الروسي، ودعمه غير المشروط للتغييرات التي أجرتها الفيدرالية الروسية في القانون الأساسي للبلاد، قال فاليري خاتاجوكوف، رئيس مركز قباردينو – بلكاريا الإقليمي لحقوق الإنسان: لا سخروكوف ولا منظمته يتحدّثون نيابة عن الشركس. فبدلاً من ذلك، يعكس كلاهما وجهات نظر جهاز الأمن الفيدرالي الروسي الذي تولى السيطرة على هذه الفئة قبل عقدين من الزمان.[2]
— في 14 مارس/آذار 2020، أصدرت جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية بيانا أشارت فيه إلى موقف الجمعية الشركسية العالمية حيال التعديلات التي أُجْرِيت على الدستور الروسي، يبين موضوع تقزيم دور اللغة الشركسية وبالتالي التقليل من أهمية الشعوب والأمم في الفيدرالية الروسية:
* لم تتخذ الجمعية الشركسية العالمية موقفا ايجابيا مسؤولا حيال الاستفتاء الذي عقد في 22 أبريل/نيسان 2020، بشأن التغييرات على دستور الفيدرالية الروسية الذي جعل من اللغة الروسية لغة الدولة الرئيسية والرسمية الوحيدة دون غيرها في جميع أرجاء البلاد، علما بأن أمانة المسؤولية تتطلب من رئيس هذه الجمعية وهو أحد أعضاء الفريق العامل لصياغة التعديلات الدستورية في الفيدرالية الروسية، التصرف وفقا لاسس المحافظة على اللغة الأديغية وخصوصية الأمة الشركسية، لكنه على العكس من ذلك، أعلن مباركته وموافقته على التعديلات المقترحة، دون إبداء أي تحفظ.
* لم تتّخِذ الجمعية موقفاً بنّاءً نحو توحيد اللغة التي تم تجزئتها إلى لغات لقوميات متعددة من قبل الإتِّحاد السوفياتي البائد. وهي لا تعمل على جعل تعليم اللغة القومية إلزاميا في المدارس والجامعات والمعاهد العلمية. ولا يجب أن تقف الجمعية الشركسية العالمية ضد رغبات الشركس في شمال القفقاس في سعيهم إلى الإتّحاد في جمهورية موحدة.
* تتجاهل حقيقة اعتقال الناشطين الشركس في وطنهم في شمال القفقاس الذين يرغبون في التعبير عن آرائهم بحرية، وتتغاضى عن الانتهاكات التي تجري ضدهم.
* ومن المواضيع الحساسة على الساحة الشركسية والتي لا تلقى الاهتمام المطلوب هو عدم اهتمام الجمعية الشركسية العالمية بالتدخُّل إيجابيا في موضوع تزوير أسماء العائلات الشركسية الذي تقوم به السلطات الأبخازية، مقابل منح جنسية أبخازية للبعض، وكأن الأمر لا يعنيها.
* وإذ تعلن جمعية أصدقاء شراكسة القفقاس الأردنية عن شجبها واستنكارها لهذا الشلل الذاتي المتعمد، تحث كل المهتمين بالشأن الشركسي على المشاركة في معالجة هذا الإعتلال المؤسّسي.[3]
— في رسالة مفتوحة أرسلتها بتاريخ 18 مارس/آذار 2020، إلى الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا، تمت الإشارة إلى ”التعديلات الجديدة على دستور روسيا، ولا سيما الصيغة الجديدة للمادة 68 من دستور الفيدرالية الروسية، على أن {لغة الدولة للفيدرالية الروسية في جميع أنحاء أراضيها هي اللغة الروسية على اعتبار انها لغة للأمة التي تشكل الدولة، وذلك جزء من الاتحاد متعدد القوميات للأمم المتساوية في الفيدرالية الروسية}. ويقدم هذا المعيار، الفصل والتمييز العرقيين للشعوب الأصلية والأقليات القومية في روسيا، وتقسيم الشعب متعدد القوميات في الفيدرالية الروسية ومنح وضع خاص للإثنيِّين الروس كأمة تشكل الدولة“.[4]
— بتاريخ 27 أبريل/نيسان 2020، قالت مدينا خاكواشيفا (Madina Khakuasheva): ”إن تزوير موسكو لتاريخ الشركس وتنصلها من الطبيعة الإمبريالية للسياسة الروسية التي أدت إلى تهجير معظم أفراد تلك الأمة لا يُظهر فقط أن الحكومة الروسية ملتزمة بأجندة الاستعمار الجديد، لكنها تواصل مسار الإبادة العرقية“. وتكمل خاكواشيفا: ”لقد مر نهج روسيا تجاه غير الروس في الأربعة مراحل التالية في حالة الشركس: التدمير المادي والترحيل دون حق العودة، والتمييز الصريح ضد اللغة الأم، ومستوى الثقافة والهوية، والقضاء التام على تاريخ الشركس من الكتب والمتاحف. بالإضافة إلى ذلك، تواصل موسكو العمل على تهيئة {جميع الظروف لتحقيق الاستيعاب الاصطناعي ومحو جميع الأدلة على وجود شعب بأكمله}، بما في ذلك إعلان أراضي وموارد تلك الأراضي روسية {من وقت سحيق}“. إن ”{هذا هو الهدف النهائي للسيطرة الجيو–سياسية}“.[5]
— في 11 يوليو/تموز 2020، نشرت الباحثة الكبيرة في معهد قباردينو–بلكاريا لأبحاث العلوم الإنسانية على موقع ”مركز قباردينو–بلكاريا الإقليمي لحقوق الإنسان“ بأنه تم التخطيط في مدينة بيلوريتشينسك (Belorechensk) وهي إحدى مدن مقاطعة كراسنودار الواقعة على نهر بيلايا (Belaya) لإقامة نصب تذكاري للجنرال نيكولاي إفدوكيموف (Evdokimov)، أحد المهندسين الرئيسيين للإبادة الجماعية الشركسية. لكن حالت موجة الغضب الجماهيري واسع النطاق دون تحقيق هذه المبادرة أو أخّرَها. ”وفي إقليم كراسنودار، تحْمِل العديد من المعالم اسم الجنرال آكل لحوم البشر زاس“. وقد أقيم نصبان تذكاريان للجنرال إيرمولوف في إقليم ستافروبول. والآن — إفدوكيموف. يبدو أن هناك من يبذل قصارى جهده حتى لا ينسى الشعب الشركسي مأساة القرون الماضية“ — كما قال الشخصية العامة إبراهيم ياغانوف في مقابلة مع موقع ”حقائق القفقاس“.[6]
— في 28 يوليو/تموز 2020، أشارت مدينا تلوستانوفا (Madina Tlostanova)، الأستاذة الشركسية في جامعة لينشوبينغ (Linköping) السويدية إلى أن أولئك الذين يريدون المحافظة على النصب التذكارية، يريدون اختزال الشعوب الأصلية في شمال القوقاز إلى مجرد ”حواشي“ في السرد الإمبراطوري لموسكو. وأضافت في مقابلة صحفية لها: ”يستند خطاب أولئك الذين يطالبون بالحفاظ على النصب التذكارية للمجرمين العسكريين والمستعمرين وزيادة على ذلك، بناء نصب تذكارية جديدة تبسيط فج للتاريخ وتشويهه، وعلى الهمجية التي أجازت ذلك من قبل القيادات العليا“.[7]
— في 29 يوليو/تموز 2020، قالت زاريما تسفييفا (Zarema Tsveyeva) إن إقامة المزيد من النصب التذكارية للقوات القيصرية الغازية للقوقاز ”لا يمكن اعتباره أي شيء سوى انه ارتداد هائل للوعي الاستعماري الإمبراطوري“ من جانب الروس نظرًا لأنه يُحْيِي ذكرى الذين قَتلوا وأخضعوا الشعوب غير الروسية هناك، والذين ما زال أحفادهم يشعرون بالألم من تلك الأحداث. وأضافت أخصائية اللغة والثقافة الشركسية في جامعة جمهورية أديغييا الحكومية أن السلطات الإقليمية والفيدرالية تقوم بوضع مثل هذه النصب التذكارية لإرسال رسائل مختلفة للغاية إلى الروس وغير الروس.[8]
في هذا الصدد طالب ”وطنيو شركيسيا“ الأمم المتحدة النظر بشأن التعديلات على دستور الفيدرالية الروسية التي أُدْخِلَتْ مؤخرا بعد الاستفتاء الذي تم من خلاله الأخذ برأي الأغلبية السلافية بجعل اللغة الروسية هى اللغة الأولى بالدولة، وبذلك تصبح لغات القوميات الأخرى لا قيمة رسمية لها في مجالات التعليم والمعاملات الرسمية بالدولة وغيرها من الامور الثقافية.
يتبع في مقالات قادمة…
المراجع
[1] https://vk.com/@-165422661-madina-hakuasheva-kommentarii-k-state-i-diskina-kritika-popr
https://aheku.net/news/society/obrashhenie-v-parlamentskuyu-assambleyu-soveta-evropyi
[5] http://circassiatimesarabic.blogspot.com/2020/04/blog-post_30.html