حق تقرير المصير لأمم شمال القفقاس

حق تقرير المصير لأمم شمال القفقاس

عادل بشقوي

1 فبراير/شباط 2024

123RF

من الواضح أن شركيسيا هي إحدى أمم شمال القفقاس التي لديها مصلحة في المضي قدمًا نحو تحقيق الأهداف المشروعة لها، وبالتالي لهذه الشعوب والأمم. لقد تم استغلالها ودمرت اوطانها ونهبت مواردها والسيطرة على أوطانها لعقود من قبل الدولة الاستعمارية التي افترضت أنها الوصي عليها. فقد غزت الإمبراطورية الروسية شعوب وأمم شمال القفقاس وأبادتها وشردتها نتيجة لغزواتها الوحشية، وضمتها في نهاية المطاف إلى كيان استعماري قمعي وبغيض لا مثيل له.

لم يكن هناك في أي وقت تشابه مشترك بين روسيا والأمة الشركسية. وهذا ينطبق أيضًا على العلاقة بين الدولة الروسية وشعوب وأمم شمال القفقاس الأخرى. وبشكل ملموس، لا توجد بشكل عام علاقات ومصالح و/أو قيم مشتركة بين الإمبرياليين والشعوب والأمم الأصلية في القفقاس. حتّى أنّهم لا يشتركون في تاريخ مشترك و/أو أصول عرقية وإثنية أو لغة أو ثقافة أو معتقد أو أهداف مشتركة. بل على العكس من ذلك، نشأت شعوب وأمم شمال القفقاس في نفس المنطقة وعاشت هناك لآلاف السنين.

لقد وُجدت وتطورت شعوب وأمم  شمال القفقاس منذ آلاف السنين، وثبت أن لغاتها وثقافاتها سبقت أو كانت معاصرة لثقافات سبقتها أو كانت معاصرة للغات والثقافات القديمة مثل بلاد ما بين النهرين والفراعنة والإغريق القدماء وغيرها. إلا أن عمر الكيان الروسي المبتكر يقارب ألف عام، في حين أن عمر اللغة الروسية الحالية يبلغ 1200 عام. علمًا بأن مناطق الكيان الروسي وقعت في القرن الثالث عشر تحت نير احتلال القبيلة الذهبية والمغول لمئات السنين التالية.

الدور الرئيسي لأمم شمال القفقاس

هناك دور محوري يجب أن تلعبه شعوب وأمم شمال القفقاس. فالظروف تفرض علينا أن نتصرف وفقًا للواقع. ولن يكون من الممكن المضي قدما دون أداء هذا الواجب. إن الرغبة، بل المرحلة الحالية والمصلحة الجماعية المشتركة لشعوب وأمم شمال القفقاس، تتطلب عملاً نشطاً وإيجابياً على الساحتين الإقليمية  والدولية. وستكون الخطوة المشتركة مفيدة للجميع من حيث تقديم ما تتطلع إليه شعوب القوقاز فيما يتعلق باستعادة الحرية والاستقلال والسيادة الوطنية.

إن هذا من شأنه أن يهيئ الظروف للاعتراف بالإبادة الجماعية والحقوق المشروعة. وبناء على ذلك، سيكون بمقدورهم استعادة حقوقهم المغتصبة، وحتى السيادية. ولا يمكن تحقيقها إلا بإنهاء الاحتلال البغيض والتخلص من تداعيات الإبادة. كذلك الحصول على الاستقلال للجميع من دون استثناء. وقد أدى الاحتلال المزمن إلى التهجير القسري لمعظم السكان والضم غير القانوني. فأحدث ذلك  تغييرًا ديموغرافيًا قسريًا وإلى تغيير الطابع الديموغرافي للمنطقة.

تنطبق الفقرة التالية بشكل كامل على وضع شعوب وأمم شمال القفقاس: ”الاستعمار هو ممارسة للهيمنة. والاستعمار هو عندما تقوم دولة بغزو دولة أخرى بعنف وتطالب بالأرض باعتبارها ملكًا لها. ينتقل السكان الجدد ويَطردون السكان الأصليين للأرض بالقوة ويسيطرون عليهم ويقمعونهم. لا تتم سرقة الأراضي في عملية الاستعمار فحسب، بل يسرق المستعمرون أيضًا الكثير من ثقافة السكان الأصليين“.[1]

في عام 1960، اعتمدت الجمعية العامة للأمم المتحدة إعلان منح الاستقلال للبلدان والشعوب المستعمرة (قرار الجمعية العامة 1514 {15})، المعروف أيضًا باسم إعلان إنهاء الاستعمار. بموجب هذا القرار، أعلنت الجمعية العامة رسميًا، نظرًا للدور الهام الذي تلعبه الأمم المتحدة في مساعدة حركات الاستقلال في الأقاليم المشمولة بالوصاية والأقاليم غير المتمتعة بالحكم الذاتي، ضرورة إنهاء الاستعمار بجميع أشكاله ومظاهره بشكل سريع وغير مشروط. في النهاية، وفي هذا السياق، أعلنت، في جملة أمور، أن لجميع الناس الحق في تقرير المصير“.[2]

وستكون هذه الخطوة المشتركة مفيدة للجميع من حيث عرض ما تتطلع إليه أمم القفقاس للأطراف التي يمكن أن تكون طرفا في دعوة المجتمع الدولي إلى الاعتراف بحقوق شعوب وأمم القفقاس، من خلال تطبيق القوانين والأعراف الدوليّة.

ولتحقيق هذه الأهداف، اتفقت وفود وممثلو المجموعات والمنظمات العديدة لأمم شركيسيا والشيشان وداغستان وإنغوشيا، التي شاركت في مؤتمر شمال القفقاس المنعقد في بروكسل في البرلمان الأوروبي، بتاريخ  8 نوفمبر/تشرين الثاني 2023، على بحث سبل التنسيق والنضال من أجل استعادة الحرية والحقوق المشروعة ومكانة الدولة لأممهم بهدف توفير حياة كريمة لشعوبهم في أوطانهم. لذلك، تم تشكيللجنة استعادة مكانة الدولة لأمم شمال القفقاس، وذلكلمناقشة وتطوير إطار استشاري لإنشاء أممنا المستقلة بموجب هذه المبادئ المذكورة أعلاه“.[3]

الخاتمة

في الختام لا بد من الاهتمام بوسائل الإعلام التي بدورها تبقي الرأي العام مطلعاً على الأنشطة والإنجازات. وينبغي أن تهدف الجهود إلى إنهاء المآسي الإنسانية المشتركة التي تحتاج إلى مواجهة العناد الروسي الذي لا هوادة فيه والتغلب عليه. هناك قضايا أساسية تتطلب التزام كل مشارك جاد ومهتم بالعمل الهادف وتحمُّل المسؤولية لحل مأساة الاحتلال. إن النزوح بعيداً عن الوطن سيؤدي في النهاية إلى المساعدة في تحقيق الأهداف الموكلة إلى هذه اللجنة.

إن الأمر يتطلب تحركاً واقعياً وفعالاً لمخاطبة المجتمع الدولي، وخاصة الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة، وهو الأمر الذي يجب أن يكون من أهم الأولويات التي يجب اتخاذها لتحقيق الأهداف المعلنة، وجعلها الشغل الشاغل الذي يجب القيام به. هذا التحرك سيساعد في الحصول على الاعتراف بالحقوق المغتصبة وتوفير السبل القانونية لاستعادة الحقوق المشروعة وفقا للقوانين والأعراف الدولية. وهذا بدوره سيؤدي في نهاية المطاف إلى خلق الفرصة للاتفاق على اتحاد فيدرالي أو كونفدرالي يضم أمم شمال القفقاس بعد إجراء الاستفتاءات المناسبة لكل منها، للحصول على الموافقة المطلوبة.

********************

المراجع

[1] https://opentextbc.ca/peersupport/chapter/impact-of-colonization-on-indigenous-peoples-culture/#:~:text=Colonization%20is%20when%20a%20country,of%20the%20indigenous%20people’s%20culture.

[2]

https://www.un.org/dppa/decolonization/en/about#:~:text=In%201960%2C%20the%20General%20Assembly,

[3] https://www.circassianews.com/2023/11/09/%d9%85%d8%a4%d8%aa%d9%85%d8%b1-%d8%a3%d9%85%d9%85-%d8%b4%d9%85%d8%a7%d9%84-%d8%a7%d9%84%d9%82%d9%88%d9%82%d8%a7%d8%b2/?fbclid=IwAR2k5DXMUIa56jkKj7Ps3D_bcQV06LhT3yzYb6CmIYSUHwFOw_eKhvAun_4

Share Button