نافذة على أوراسيا: زعيم استوني يستخلص عشرة دروس من حرب عام 2008 الروسية-الجورجية

نافذة على أوراسيا: زعيم استوني يستخلص عشرة دروس من حرب عام 2008 الروسية-الجورجية

 

بول غوبل (Paul Goble)

 ترجمة: عادل بشقوي

            ستونتون، 12 أغسطس/آب – مارت لار (Mart Laar)، رئيس وزراء ووزير دفاع أستوني سابق، يستخلص عشرة دروس من حرب أغسطس/آب 2008 الروسية-الجورجية، دروس يمكن تطبيقها على البلدان الأخرى التي تجاور الفيدراليّة الرّوسيّة الحاليّة والمهمّة بالنسبة لكافّة هؤلاء في الغرب الذين يرغبون في رؤية تلك البلدان تحيا وتزدهر.

            في مقال نشر في صحيفة بوستيميز (Postimees) يوم الجمعة والّتي تصدر في تالين (عاصمة أستونيا)، يبيّن لار، وهو الذي أبدى النصح للرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي في الماضي، أنه بينما العديد من جوانب الصراع لا تزال غير واضحة، وهكذا فإن الاستونيين وبضمنهم الآخرين يمكنهم استخلاص بعض العبر المهمة من الأحداث التي مرت قبل خمس سنوات. وهو بدوره يقدم عشرة من هذه الدروس.

          (إن مقال لار متاح بالّلغة الأستونيّة على الرابط (arvamus.postimees.ee/1326502/mart-laar-vene-gruusia-soda-10-oppetundi-eestile)، وبالرّوسيّة على  (regnum.ru/news/polit/1693681.html) وبالإنجليزية على(news.postimees.ee/1334808/mart-laar-russia-georgia-war-10-lessons-for-estonia).

                الدرس الأول، يقول لار، من الأفضل مواجهة “الحقيقة المرة” بدلا من الاستمرار في التكتم على “أوهام خياليّة”. موسكو كانت “تستعد للحرب لسنوات وهي تعلم ما تريده بالضبط. جورجيا لم تفعل ذلك”. الأسوأ من ذلك، أجازت لنفسها” لأن تنجر إلى الصراع في وقت غير مواتٍ “- كان أفضل لواء لها في العراق، وكان وزير دفاعها في إجازة، وجزء من جيشها كان يجري إعادة تجهيزه.

            وفيما يتعلّق بذلك، كان الجيش الجورجي “يعيش حياة واهمة”. لم تقدّم “تحضيرات جدية للدفاع عن البلاد”. تبليسي لم تصدّق أن روسيا ستذهب إلى أبعد مما فعلت في بداية أعوام التسعينيّات. وبالتالي، يقول الزعيم الاستوني، جاء الغزو للجورجيين “صدمة ومفاجأة كاملة”، حيث “ساقت لهم الأقدار الهزيمة.”

            الدرس الثاني هو أن عمل وتخطيط القيادة المتقدم “يحدد مسار” أي صراع. كانت روسيا قد أعدت كل شيء وصولا الى أدق التفاصيل. “دفعت القوات الجورجية إلى شن هجوم في جنوب أوسيتيا؛ ثم كان عليهم لأن يكونوا محاطين ومن ثمّ سحقهم” كما حسبت موسكو، و”سيكون من السهل مهاجمة” بقية ما أصبحت فيما بعد “جورجيا غير قادرة على الدّفاع عن نفسها”.

            الخطط الجورجيّة “كانت في المقابل ضبابيّة جدا”. افترض المخططون العسكريون في البلاد بأنّهم سيتمكنون من التحركحول  تسخنفالي (Tskhinvalia) والتّقدم بسرعة إلى جسر غوبتا (Gupta Bridge) ونفق روكي (Roki Tunnel)، وبالتالي منع أي تقدم روسي. لم يتمكنوا من الوصول إلى هناك و”ذلك الّذي حدد نتيجة الحرب.”

            الدرس الثالث، يشير لار، هو أن “الإستخبارات تساوي المشهد”. في الحرب الروسية-الجورجية، افترض كلا الطّرفين بأن لديهم ما يكفي. لكن “الإستخبارات الروسية افتقرت إلى معلومات دقيقة عن جورجيا وبالتالي قامت بالتّقليل بشدة من قدرة جورجيا على المقاومة”. و في حين كان لدى الاستخبارات الجورجية، الكثير من المعلومات عن البيانات، لم تتمكن من وضعها معا بطريقة مفيدة. فانعكس ذلك على كلا رغبتهم من جهة في الاعتماد على “مراقبة الناتو الفنّيّة” التي “للأسف أغفلت حشود القوات الروسية” على الحدود الجورجية ومن جهة أخرى اعتقادهم الّذي يفترض أن “روسيا لن تهاجم جيرانها.”

            الدرس الرابع هو “أمور الحرب النفسيّة”. شنت روسيا حملة إعلامية ضخمة قبل الصراع كي “تقدم للعالم فكرة بأن جورجيا دولة صغيرة، وعدوانية ولا يمكن التنبؤ بنواياها حيث يتزعّمها أوباش حمقى وفاسدين أخلاقيا”. ذلك عزل جورجيا عن حلفائها وجعل تحذيرات تبليسي “تبدو غير واقعيّة”. في نهاية المطاف، خسرت روسيا حرب المعلومات أثناء القتال، لكن تقدّم قواتها قام بتهيئة الوضع لانتصار أوسع لموسكو.

            الدرس الخامس، يستنتج لار بأن “حروب اليوم هي شاملة”. وهذا يعني أنها تنطوي على الهجمات الالكترونيّة عبر الإنترنت فضلا عن وسائل أخرى غير تقليدية.

            الدرس السادس هو أن الخدمات الطبية اللائقة تقوم حقا بإنقاذ الأرواح. كثير من ال 1200 جندي جورجي الذين أصيبوا بجروح أثناء النزاع كانوا ليفقدوا حياتهم لو لم تكن مثل هذه الخدمات متوفّرة. وبسبب وجود هذه الخدمات، توفي منهم ثلاثة في المئة فقط نتيجة للجراح الّتي أصيبوا بها.

            الدرس السابع هو أن “السيطرة على المجال الجوي يعتبر أمر حيوي”. جورجيا كان لديها و لا تزال سلاح جوي صغير وقد شارك خلال الحرب في مهمة واحدة فقط. ولو حاول أن يفعل أكثر من ذلك، لكان قد تم تدميره تماماً. تم كبح القوات الجورجية المضادة للطائرات بسرعة، وبعد أن دمرت مواقع الرادار، اضطر القادة الجورجيّين للعمل “في الظلام“.

            أثبتت الوحدات المتنقلة “كفاءة أكثر”، ولكن كان هناك عدد قليل جدا منها، على الرغم من أن “سلاح الجو الروسي أظهر عجزأً في الاستفادة من تفوقه المطلق في الجو”. التنسيق بين القوات الجوية والبرية الروسية كان “سيئاً للغاية” وبالتالي، أسقطت الطائرات الروسية الطائرات الروسية الأخرى. في الواقع، كانت نصف الخسائر الجوية الروسية بواسطة النيران الصديقة.

            في الدرس الثامن يعتبر لار ان الدبابات والمدافع لا تزال مهمّة. الدبابات الجورجية “ساعدت على وقف الهجوم الروسي” في الساعات الأولى من الصراع، ولعبت “دورا حاسما” في تدمير طابور الجيش الثامن والخمسين في 9 أغسطس/آب. وأثنت المصادر الروسية على عمل لواء مدفعية غوري (Gori) في إبطاء التقدم الروسي باتّجاه تسخينفالي (Tskhinvali).

            الدرس التاسع هو أن وحدات أقل ولكن أفضل تجهيزا وتدريبا هي أكثر فعالية بكثير من وحدات أكثر ولكن في الحقيقة هي من “ورق”. تلك الوحدات الجورجية التي هي من دون اتصالات لائقة أو نقل ملائم ببساطة لم تسهم في المعركة، ولكنها جذابة وظهرت على الورق.

            والدرس العاشر، لأستونيا أكثر منه لجورجيا، هو أن “تثق في حلف شمال الاطلسي لكن تبقي بارودك جافاً”. ومن أهمية التحالفات، في نهاية المطاف، فإن الأمم “يمكنها الاعتماد على نفسها فقط”. الجورجيون تأملوا حتى الحصول على مساعدة توقّعوها من الخارج، ولكن لو لم يقاتلوا من تلقاء أنفسهم، يقول لار، لكان قد تم القضاء على الدولة الجورجية قضاءاً مبرماً ولكان قد تم مسحها من على الخريطة وتمّ تنصيب حكومة جديدة”. فقط “الجورجيين أنفسهم حافظوا على الدولة الجورجية“.

            يتم تقديم مقال لار في المقام الأول باعتباره مجموعة من التوصيات لأستونيا، لكن الدروس المستقاة من الحرب الروسية-الجورجية تكتسب تطبيق أوسع، ليس فقط بالنسبة للدول المجاورة الأخرى للفيدراليّة الرّوسيّة، ولكن أيضا بالنسبة للبلدان الأبعد من ذلك الذين يتعاملون معها. وما لم تتم الإستفادة من هذه الدروس وسبل العلاج المطبقة فيها على حد سواء، يمكن أن يكون المستقبل بالفعل قاتما جداً.

http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/08/window-on-eurasia-estonian-leader-draws.html

نقلا عن: موقع الإبادة الجماعية الشركسيّة على الفيسبوك

Share Button

اترك تعليقاً