نافذة على أوراسيا: موسكو تعوّل على القراشاي ليكونوا ‘إسفيناً’ للحفاظ على شركيسيا غير موحّدة
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
ستونتون 26 أكتوبر/تشرين الأول – نظرا للنشاط الشركسي، والاعتراف الجورجي بالإبادة الجماعية الشركسية التي حصلت في عام 1864، والدّعوات إلى “تخريب” أولمبياد سوتشي، يمحص الكرملين الآن حتى في “الاحتمال النظري بان إنشاء جمهورية “أديغيّة” [شركسيّة] هو تهديد مباشر لسلامة أراضي روسيا”، وفقا لمحلل موقع لنتا آريو (Lenta.ru).
في تعليق نشر يوم الخميس، يقول نيكولاي كوشيروف (Nikolay Kucherov) ان موسكو تعول على القراشاي، الذين يسيطرون الآن على جمهوريّة قراشاي – شركيسيا، إلى “لعب دور إسفين مغروس بين شعبي الأديغه والأباظة والذي من شأنه أن “يمنع تحقيق مشروع شركيسيا الكبرى (lenta.ru/articles/2013/10/23/krch/).
وهذا ما يفسر لماذا تدعم موسكو بقوة مشاريع مثل “حليف الصداقة بين الشعوب” في شركيسك، حسبما يقول كوشيروف، والسبب في أن المركز مذعور جدا لدرجة أن الشباب هناك، يعانون من إرتفاع معدلات البطالة، والفساد، وعدم وجود آفاق، وهم أكثر تقبلاً “لأفكار دينية وقوميّة متطرّفة”.
وعلاوة على ذلك، فإن هذه الجمهورية الواقعة في شمال القوقاز فيها إشكالية على وجه الخصوص لأنها كانت قد أنشئت باعتبارها ثنائية القومية، لكنّها تشمل كذلك العديد من الجماعات، و”لعدم وجود هوية مشتركة في رباط سوفياتي واحد، فقد يلقي ذلك ظلالا من الشك ليس فقط على الجمهورية بمفردها لكن على جنوب الفيدراليّة الروسيّة بأكمله”.
وقد وجدت قراشيفو – شركيسيا فقط منذ عام 1957 عندما سمح للقراشاي الأتراك بالعودة الى شمال القوقاز من منفاهم في آسيا الوسطى. قبل ذلك الوقت، كان هناك منطقة شركس ذات الحكم الذاتي ومنطقة قراشاي ذات الحكم الذاتي، لكن خروتشوف (Khrushchev) جمع بين الإثنتين في جمهورية واحدة .
قصد من ذلك السماح لموسكو لأن تكون بمثابة الوسيط بين قوميتين فخريتين (اسميّتين)، وبالتالي السيطرة على الوضع، وكان على السلطات المركزية مواجهة ليس فقط موجة متصاعدة من العرقية – القومية بين الطوائف العرقية، ولكن فهم كيفيّة العيش مع نظام حكم يجب أن يخصص المناصب العليا فيه بدقة وفقا للأصل العرقي.
وهكذا، وبعد الكثير من الجدل في وقت مبكر من أعوام التسعينيات ومحاولة إيجاد أربع جمهوريات متميّزة في مكان قراشيفو – شركيسيا، وهي خطوة رفضت موسكو الاعتراف بها، اضطرت الحكومة الروسية لقبول نظام يكون فيه الرئيس دائما من القراشاي، ورئيس الحكومة شركسياً، وهلم جرا. وقد حدّ ذلك بشدة من حرية موسكو بالعمل.
بالإضافة إلى القوميّات الإسمية، هناك مستوطنات صغيرة الحجم من الأباظة (Abazas)، والنوغاي (Nogays) والروس. القراشاي مهيمنون، لكن الجماعات الأخرى، وخاصة الشركس والأباظة المرتبطين إرتباطاً وثيقاً “ينظرون إلى هذه الحالة بأنها تهددهم ويسعوا بانتظام إلى تحدي سيادة القراشاي”، يكمل كوشيروف.
يأخذ هذا في بعض الأحيان طابع المظاهرات والإقتتال، لكنه كثيرا ما يحدث أثناء الانتخابات وفي داخل البرلمان. الناس في الجمهورية يميلون إلى التصويت لصالح إخوانهم في الطوائف العرقيّة، وأنه ليس من قبيل الصدفة أن برلمان الجمهورية كان “الأول في روسيا للمطالبة” بأن مجلس الدوما يجعل من إنكار الإبادة الجماعية جريمة جنائية .
حكومة الجمهورية مع موافقة ومساعدة موسكو كانت قادرة معظم العقد الماضي على ابقاء الامور تحت السيطرة، ولكن على نحو متزايد، دعاية “الصداقة بين الشعوب” في شركيسك لم تكن كافية للتعويض عن المشاكل الاقتصادية والفساد وضعف الحكم عموما .
وهذا يعني تطرف عرقي – قومي وديني على حدٍ سواء وقيود شديدة على حرية موسكو بالعمل. الحكومة المركزية، على سبيل المثال، لن تكون قادرة على إنشاء طريق بين شركيسك وسوخومي بسبب “التوتر العرقي” في جمهورية قراشاي – شركيسك و سوف يتم إنشاء طريق بين شركيسك وأدلر بدلا من ذلك.
“إن تقسيم وحدة سكنية صغيرة إلى وحدات سكنية أصغر يبدو حقا بأنّه أبسط وأدق طريقة للخروج من الوضع الراهن،” على الأقل إذا يتم الإستماع إلى النخب الوطنية للقراشاي والشركس. لكن مثل هذه الخطوة أو حتى تعزيز قوة الشركس في جمهورية قراشاي – شركيسك، ” من وجهة نظر موسكو”، يبدو “خطيرا”.
“إن القباردي من جمهوريّة قباردينو – بلكاريا وهي بجانب جمهورية قراشاي – شركيسك، والأديغه، والشركس، والشابسوغ يرتبطون إرتباطا قومياً وثيقا بالتّسمية الذاتيّة أديغه، وبين حركاتهم الوطنية يحظى وبشعبية التأكيد بأنهم شعب واحد”، وهو الشعب الشّركسي.
موسكو تعارض مثل هذه الوحدة، يقول كوشيروف، وبالتالي تأمل بأن القراشاي سيكونون بمثابة حليف رئيسي لها. وبالتالي فإنها تدعم القراشاي، لكن لأن القراشاي يعرفون هذا، فإنهم غالبا ما يستطيعوا أن يقرّروا ما يحدث، مما يؤدّي إلى تفاقم العلاقات بين القراشاي والشركس وجعل هذا “الإسفين” أقل فعالية مما يأمل الكرملين .
المصدر:
(http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/10/window-on-eurasia-moscow-counting-on.html)