نافذة على أوراسيا: أحاديث وسائل الإعلام عن إحتمال تفكك روسيا يتضاعف منذ عام 2010 – مخاوف حقيقية أو شيء آخر؟
بول غوبل (Paul Goble)
ترجمة: عادل بشقوي
ستاونتون 2 ديسمبر/كانون الأول – وسائل الاعلام الروسية تبرز سيناريو إمكانية تفكك الفيدراليّة الرّوسيّة مرتين الآن أكثر مما توقّعوه قبل ثلاث سنوات، وهو تدبير يظهر اضطراب موسكو حول السيطرة وعلى الأقل في بعض الحالات، استفزازاً مقصوداً لتبرير الاستبداد، والحكم المطلق، و تطهير النّخب الإقليمية .
وفقا لأحد المحللين الروس، الذي تحدث مع فريميا يو إى (Vremya.ua) شرط عدم الكشف عن هويته، يقول بأن روسيا تواجه “تقطيع أوصال” نتيجة للجهود المشتركة من قبل قوى أجنبية مثل الولايات المتحدة والصين والنخب الإقليمية التي تريد الحصول على قدر أكبر من السيطرة على الموارد الطبيعية في أراضيها (vremia.ua/rubrics/zarubezhe/4871.php).
قال إنه قرر أن يخرج للعلن حول تقرير أعد من قبل صاحب العمل الّذي يعمل فيه من أجل تحذير الشعب وكذلك الحكومة الروسية حول ما قال انه يشكل تهديدا وشيكا، حيث أنّه “سوف يتم البدء بتقطيع أوصال روسيا في الشرق الأقصى” ومن ثم ينتشر، مقلّصاً البلاد لحجم دوقية موسكو (Muscovy) في القرن الخامس عشر.
يشير كلام المحللين بوضوح لبعض المخاوف الحقيقية، ولكنهم محدّدين جدا حول كل من الحكومات الأجنبية والمسئولين الإقليميين المعنيين الذين يبدون بأنهم مهدوا المرحلة أو على الأقل جس النبض لروسيا أكثر استبدادا وانعزالية و لتطهير النخب الإقليمية، وخاصة في سيبيريا والشرق الأقصى الروسي .
وهكذا يتم مناقشتها هنا ليس لأنها صحيحة بالضرورة – بالتّأكيد، هي تعكس نوع من التهويل المروّع الذي غالبا ما يوجد في مثل هذه المناقشات – بل لأنهم يقولون الكثير عن الكيفيّة الّتي يفكر بها البعض في العاصمة الروسية و بالتالي ما قد يرغبون في القيام به بعد ذلك .
يقول المحلل مجهول الهويّة أن مؤسسته كانت قد وقّعت عقداً مع مؤسّسة غربيّة “غير معروفة” وهي واحدة تمثل بلا شك بعض الشخصيات القويّة مثل الرئيس الروسي أو وزارة الخارجية الأمريكية، لكنه لا يقدم أي دليل على هذا الادعاء. ما يقدّمه هو عرض لصورة مفصلة عن كيف انه على الأقل ينظر إلى العالم وإلى مستقبل روسيا.
ويقول إن التحركات الجيوسياسية والجغرافية – الاقتصادية الأخيرة من قبل الولايات المتحدة والصين أثارت المخاوف التي يعكسها تقريره. بين هذه المخاوف، كما يقول، هي إدّعاءات أن روسيا لديها حاليا “مناخ إستثماري رديء”، وهو الأمر الذي يحد من تدفّق الأموال للداخل لكن هي النّتائج الّتي من شأنها أن تتغيّر بسرعة للمناطق التي تبتعد عن سيطرة موسكو.
ولكن هناك أيضا تطورات داخلية تمثل خطرا على السلامة الإقليمية للبلاد، بما في ذلك الترويج إلى أن “سيبيريا” هي قومية بحد ذاتها وفكرة أن المناطق يجب أن تسيطر على الموارد على أراضيها بدلا من تقاسم الثروة مع موسكو والبلد ككل.
ليس من المستغرب أن الولايات المتحدة وقوى أجنبية أخرى تريد تقطيع أوصال روسيا من أجل إضعاف موسكو والحصول على المواد الخام في مناطق روسيا، كما يقول المحلل، ولا، الأخذ بتجربة نهاية الإتحاد السوفياتي، حيث ينبغي لتصرفات المسؤولين الإقليميين أن تكون أي شيء غير متوقع.
في حالة نسي أي شخص، “فقد جرى إنهيار الإتّحاد السّوفياتي من قبل القادة الشيوعيّين في الجمهوريات الوطنية. في روسيا، أصبح هؤلاء القادة الشيوعيّين السابقين رؤساء الأجزاء التّابعة للفيدراليّة”. رغم أن أو ربما بسبب كل ما حدث منذ عام 1991، كثير منهم قد يتساءلون “وَلِمَ لا” يتكرار ما حدث في 1991؟
الإعتراض جاء على هذه النقطة خلال المقابلة من قبل الذي أجراها والذي اشار إلى أن تغيير كوادر موسكو في العقدين الأخيرين قد قلص من هذا التهديد، وقال المحلل المجهول أن المرء يجب أن لا يفترض أن فكرة الانفصال وبالتالي كسب السيطرة ليس متجدداً باستمرار “دائماً وفي كل مكان”.
وعلاوة على ذلك، حيث يشير، بأن طبيعة تغيير الكوادر في الإتحاد الروسي يختلف بين المناطق. في روسيا الأوروبية، كانت هناك ثورة حقيقية مع موسكو حيث قامت بإيفاد أفراد من شعبها الرّوسي لرئاسة التابعين للفيدراليّة. ولكن هذا لم يحدث في الشرق الأقصى حيث أن، باستثناء مقاطعة بريمورسكي (Primorsky Kray)، وعلى الرغم من التغييرات، فقد ظل الناس المحليين في موقع المسؤوليّة.
ويضيف المحلل أنه في مقابل وسط روسيا، بقي الاقتصاد في الشرق الأقصى منفصلاً عن عمليات الاندماج والانقسام. وكنتيجة لذلك، وبسبب الصين، فإن رؤساء المناطق في الشرق الأقصى الذين يميلون نحو الانفصال يمكن أن يلعبوا دورا رئيسيا في الانفصال عن موسكو أولاً الشرق الأقصى ومن ثم سيبيريا و الأورال”.
على الرغم من احتجاجاتهم على الولاء لموسكو، يكمل، فإنّ رؤساء هذه المناطق هم الأكثر قلقا حول الحفاظ على السيطرة على المصالح التجارية المحلية. إذا ضمن لهم كما تم لقادة جمهوريات الإتحاد السوفياتي، “فإنهم سيسلمون الشرق الأقصى حتى إلى أهل المرّيخ”.
المحلل الروسي الّذي لم يذكر إسمه يركز اهتمامه بشدة على فيكتور إيشاييف (Viktor Ishayev)، المفوض الرئاسي لمنطقة الشرق الأقصى الفيدرالية، فيشير إلى أنه سيشكل ما يشبه إتفاق سيبيريا لعام 1990 في الشرق الأقصى في وقت قريب، حتى أن الّذي يجري المقابلة يسأل لماذا لم يسمّي المحلل أي شخص آخر.
ثم يوحي المحلل بأن هناك آخرين لكنه لا يدلي بأسمائهم. بدلا من ذلك، هو يكمل ليقول أن هناك “منطقتين” في الفيدراليّة الروسيّة قامت موسكو “بالتنازل أساسا عن مواقعها فيها: الشيشان والشرق الأقصى”. القضية الشيشانية واضحة، لكن الشرق الأقصى هو ما دون ذلك لأن الأمر هو عن الإقتصاد أكثر منه عن الإثنيّة.
في الشرق الأقصى، يتابع: “لا يوجد نظام متخصّص ومجدّد (taip system)، لكن الهويات الإقليمية و’التفاهمات’ قوية”. السيطرة الفيدراليّة “منخفضة للغاية”، ومستوى الفساد “مرتفع للغاية”، و”مستوى الجريمة ارتفع في الشرق الأقصى خلال العام الماضي وحده بنسبة سبعة في المئة”.
من غير الواضح ما إذا كان الكرملين يدرك تماما مخاطر ذلك، يقول المحلل. إنه بدلا من ذلك يركّز على مسائل من الدرجة الثانية مثل لائحة ماغنيتسكي (Magnitsky) .
ثم يحدد سيناريو مجموعته لتفكك الإتحاد الرّوسي: أولا، اتفاق من نوع إتّفاقيّة بيلوفيشكايا (Beloveshchaya) بين التابعين من الشرق الأقصى يليها انذار الى موسكو، وبدعم من الأمريكيّين والأوروبيين والصينيين، كل الذين يريدون الوصول إلى الموارد ولكن أيا منهم يريد الآخر أن يحتل الأرض.
وفقا للسيناريوهات الّتي يقدّمها، فإنّه سيكون هناك تشكيل جمهورية في الشرق الأقصى تتألف من مقاطعتي بريمورسكي (Primorsky) وخاباروفسكي (Khabarovsk)، وإقليم أمور (Amur oblast)، وجزء من مقاطعة ترانسبايكال (Transbaikal kray)، وجمهورية ماغادان (Magadan Republic) الّتي تتكون من إقليم ماغادان (Magadan oblast)، ومقاطعة كامتشاتكا (Kamchatka kray) وشوكوتكا (Chukotka)، وياقوتيا الكبرى (Greater Yakutia) الممتدة “من المحيط الى الصين، وبالتالي اقتطاع جزء من إقليم إركوتسك (Irkutsk oblast) ومقاطعة ترانسبايكال.
ثم، جمهورية كراسنويارك في شرق سيبيريا (Krasnoyark of Eastern Siberian Republic) ستشكل على طول نهر ينسي (Yenisey) وتصبح جزءاً من فيدراليّة سيبيريّة. وجمهورية أورال كبرى (Greater Urals Republic)، كما يضيف، ستتوحّد سفيردلوفسك (Sverdlovsk)، وشيليابينسك (Chelyabiinsk)، وإقليم كورغان (Kurgan oblast) و”ربما أجزاء من إقليمي أورينبورغ (Orenburg) و كيروف (Kirov) ومقاطعة بيرم (Perm)” .
بعد ذلك، سوف تظهر فيدراليّة في الفولغا ووفاق شمالي يمتد من بسكوف (Pskov) إلى إقليم نينيتس (Nenets AD) ذو الحكم الذاتي. سوف تبعد منطقة الأرض السوداء (Black Earth zone) بعيدا عن موسكو، “ربما بمساعدة من أوكرانيا (Ukraine)، وجمهوريات شمال القوقاز ستسيطر على مقاطعتي ستافروبول (Stavropol) وكراسنودار (Krasnodar).
ونتيجة لذلك، “سيتم تقليص مساحة [دوقيّة] موسكو لتكون في منطقة الأرض الوسطى غير السوداء (Central Non-Black Earth zone) التي كانت تشغلها في القرن الخامس عشر”، يضيف المحلّل.
بطبيعة الحال، يعترف المحلل الّذي لم يفصح عن هويته، بأنّ الإتّجاه الفعلي للتّطورات قد يختلف عن ذلك. في الواقع، فإن الجميع تقريبا سيقولون بأن توقعاتهم تتجاوز حدود اللامعقول. ولكن مهما حدث، يصر، بأن “من المحتمل جدا أن الإمبراطورية الروسية سوف ينتهي وجودها إلى الأبد في المستقبل القريب جداً”.
السبيل الوحيد للخروج – وربما كانت هذه هي الرسالة الحقيقية للمحلل الّذي لم يكشف عن اسمه – لجميع شعوب روسيا للتّوحد تحت عنوان “زعيم قوي وعادل”، لتغيير الترتيبات الحالية التي تمنح المناطق الكثير من السلطة، و اعتماد نظام إستبدادي واقتصاد إشتراكي لضمان سيطرة موسكو على الوضع.
المصدر: (http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/12/window-on-eurasia-media-stories-on.html)