150 يوماً من العد التنازلي لذكرى 150 عاماً على الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة
وثيقة 293
الأول من حزيران 1864 – من مقال في صحيفة التايمز الإنجليزية عن كثرة الوفيات بين الجبليين المهجرين في
تركيا، و(الوسائل التي تتبعها الحكومة الروسية في إخضاع القوقاز)
أوردت صحيفة تايمز (Times):
تؤكد الوثائق المقدمة إلى مجلس العموم البريطاني، والمتعلقة بتهجير الشراكسة، الشائعات المأساوية المنتشرة بين العامة، عن هذه القضية، و لكن الأمر الذي تنقصه الدقة، هو أعداد المهاجرين و تتراوح تقديرات مراسلي وزارة الخارجية، بين 300 ألف و800 ألف، وأعلنت الحكومة الروسية في منتصف أيار عن 100 ألف، وأكد اللورد نابير بعد مقابلة األأمير غورتشاكوف، أن عدد المهجّرين القوقازيين في تركيا يصل إلى 150 ألفاً.
إن التفاصيل الرسمية لهذه القضية، أشد أسى من تلك التي تصلنا عبر الإشاعات، فقد تفاقمت الوفيات في طرابزون بشكل مروع، ويكتب قنصلنا أن الذعر الشديد تملك المدينة، وأن الجميع يسارع إلى الرحيل منها، سقط أحد الإطباء الثلاثة في المدينة ضحية للتيفوس، الطبيب الآخر جل وقته مخصص للعمل في الحجر الصحي، و لا قدرة لديه لمساعدة السكان. قضى نتيجة هذه الظروف، من كانون أول إلى منتصف شباط 3500 شخص، منهم 3000 مهاجرون و 471 أتراك.
حينها كان الشراكسة الواصلون إلى طرابزون لا يتعدون 25 ألفااً، ويبلغ القنصل في تقريره بتاريخ 19 أيار، أن المهاجرين ما زالوا يتوافدون، ومعدل الوفيات في المدينة بين 120 إلى 150 شخصا يومياً. الحال في سامسون مماثل لحال طرابزون، فقد وفد المدينة أربعون ألف شخص، حصد المرض خمسمائة منهم في غضون يومين، فأغلق الخبازون الهلعون مخابزهم، وعانت المدينة لعدة أيام من ندرة الخبز، الأمر الذي كاد أن يؤدي إلى التمرد، كل هذا حصل قبل حلول القيظ؛ فماذا يمكن أن يُنتظر لاحقا! لا يمكن أن نحمل الباب العالي وحده مسؤولية هذه األوضاع المأسوية، والذي لم يقم بالترتيبات اللازمة، لاستقبال المهجرين، لكن سلوك هؤلاء أيضا، يسهل انتشار العدوى. ولا تبعث على التفاؤل خارطة علاقاتهم السياسية، عندما كانوا في القوقاز، فلم تكن هناك علاقات سياسية بين قبائل الشمال والقبائل الأخرى، وهم عاجزون عن تناسي نزاعاتهم القبلية، ناهيك عن التضامن لأجل مصلحتهم العامة، و يأمل من بقي منهم على تمرده، أن تنشب وشيكا حرب بين الأوروبيين و روسيا .
لقد قدم السير هنري بولفر إلى جلالة الملكة إمبراطورة بريطانيا، كتابا وجهه إليها هذا الشعب المسكين، يبدأ بتعداد الأساليب القاسية (؟)، التي اتبعتها الحكومة الروسية على مدى ثمانية سنوات، بهدف إخضاع القوقاز (وطنهم منذ بدء الخليقة). و كيف ناضلوا بثبات من أجل استقلالهم، مضحين بحياتهم وبما يملكون.
منذ بدء التهجير، حاول الروس التخفيف من أهواله، أّمّن الدوق ميخائيل نيكولايفيتش للمهجرين السفن الحكومية والتجارية في البحر الأسود، و فتح ساحل القوقاز للسفن من كل الجنسيات، ولكن عند بحث الأسباب التي دعت إلى الهجرة، ستجبرنا الوثائق المتوفرة على لوم محق (؟) لروسيا بسبب قسوتها المفرطة. إليكم ما يكتبه اللورد نابير، من سانت بطرسبرغ بتاريخ 23 أيار: “يبدو للعيان، أن الحكومة الروسية، قررت منذ زمن بعيد، أن تطرد بعض القبائل من القوقاز بأي ثمن، ولذلك التزمت على مدى سنتين بالأسلوب التالي: تقوم بدفع خط الحصون و مستوطنات القوزاق نحو الجبال، فتطرد السكان القوقازيين الأحرار باتجاه الساحل، وطرد القبائل المتمردة هي سياسة معتادة في روسيا”.
لقد قام بذلك في الماضي الفرس و البابليون أيضا. لكن و الحق يقال، خيرت روسيا الشراكسة بين الترحيل إلى تركيا الإستيطان على الكوبان.
وقدم الإمبراطور شخصيا هذا العرض إليهم العام الماضي. وقد فضل بعضهم الخيار الثاني، وهم يعيشون الآن بهدوء على الكوبان.
ليس مستغربا أن يختار معظمهم العيش تحت حكم الدولة المحمدية، التي ساندت دوما أبناء دينها في نضالهم ضد روسيا. سيفرض الإبعاد إلى الكوبان بطبيعة الحال، الخضوع للقوانين الروسية، ناهيك عن الخدمة العسكرية.
كتب القنصل البريطاني ج. ديكسون في سوخوم كاله. أن معاناة المهجرين الجسدية يثقلها حنينهم إلى الوطن. ويورد واقعة عن قسوة الروس، لا يرى أنها استثنائية (؟) فقد استسلمت قرية إلى الروس، فقام هؤلاء بقتل مئة من السكان، كان بينهم أطفال و نساء.
صحيفة فهارس سانت بطرسبرغ العدد 124 الأول من حزيران 1864
https://www.facebook.com/Countdown150Days?hc_location=timeline