التصدعات تطل برأسها داخل ائتلاف الحلم الجورجي

التصدعات تطل برأسها داخل ائتلاف الحلم الجورجي

النشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor)

الكاتب: فاسيلي  روخادزي (Vasili Rukhadze)

ترجمة: عادل بشقوي

بيدزينا إيفانشفيلي { Bidzina Ivanishvili } (إلى اليسار) مع جيورجي مارغفيلاشفيلي Giorgi Margvelashvili{} (المصدر: رويترز)
بيدزينا إيفانشفيلي { Bidzina Ivanishvili } (إلى اليسار) مع جيورجي
مارغفيلاشفيلي Giorgi Margvelashvili{} (المصدر: رويترز)

 

يبدو أن هناك تصدّعاً شديداً يزداد اتساعاً داخل تحالف الحلم الجورجي الحاكم (GD). وزيادةً على ذلك، فإن التحالف قد يتجه نحو التفسّخ الكامل كتحالف سياسي. في يوم 18 مارس/آذار، بيدزينا إيفانشفيلي، رئيس وزراء جورجيا السابق وزعيم تحالف الحلم الجورجي الحاكم، انتقد في مقابلة تلفزيونية مطولة ربيبه السياسي السابق وحليفه الوثيق الرئيس جيورجي مارغفيلاشفيلي. وبسخط مكشوف، أعلن إيفانشفيلي أن لديه عدد من الخلافات الجدية مع غفيلاشفيلي، مشيرا إلى ثلاثة قضايا خلافية (Imedi TV, March 18).

كانت القضيّة الأولى هي إنتقال الرئيس مارغفيلاشفيلي إلى مكان إقامة رئاسية فرض مؤخّراً، والذي يطل على العاصمة تبليسي من الضفة اليسرى لنهر كورا (Mtkvari River).  تم بناء القصر من قبل الرئيس السابق ميخائيل ساكاشفيلي (Mikhail Saakashvili) وينظر إليه من قبل أعضاء تحالف الحلم الجورجي بوصفه رمزا للقوة المفرطة والإنفاق الزائد لساكاشفيلي. فبينما، في البداية، رفض مارغفيلاشفيلي الانتقال إلى القصر، لكن يبدو أنه بعد ذلك الوقت قد غير موقفه. كانت القضية الثانية هي ازدياد تقرّب مارغفيلاشفيلي بشكل وثيق ومتزايد مع مستشار سياسته الخارجية، فانو ماشافارياني (Vano Machavariani). وهذا الأخير هو شقيق ميخائيل ماشافارياني (Mikhail Machavariani)، الذي صادف أن يكون حليف سياسي مقرب من الرئيس السابق ساكاشفيلي. وكانت القضيّة الثالثة فيتو الرئيس مارغفيلاشفيلي لقانون البرلمان عن قواعد جديدة بشأن استجوابات الشّهود (Imedi TV, March 18). وتوحي هذه الخلافات إلى أنه يبدو بأن الحليفين السياسيين السابقين قد دخلا الآن بالأحرى في صراع سياسي خطير. وإلا، فإن إيفانشفيلي لم يكن ليجعل هذه المواجهة علنيّة.

رد الرئيس مارغفيلاشفيلي على إيفانشفيلي على مضض. وقال، إن انتقادات زعيم تحالف الحلم الجورجي مزعجة ومؤلمة. ومع ذلك، رفض مارغفيلاشفيلي محاورة الصحفيين في ما وصفه “حوارات خاصّة” بين الرجلين (Channel 1 TV, March 19).

إن في اختلاف مارغفيلاشفيلي مع إيفانشفيلي، الّذي كان النّاصح له في وقت من الأوقات، يعد تحولاّ لافتاً للأحداث في الحياة السياسية الجورجية. وقبل انتخابه، كان مارغفيلاشفيلي سياسياً افتراضياً غير معروف، إلا أنه التقط من المجهول وقفز إلى الرئاسة عن طريق إيفانشفيلي نفسه (see EDM, July 26, October 21, 2013; Civil.ge, October 27, 2013). وعبر اختيار مارغفيلاشفيلي، كان إيفانشفيلي يأمل بان يزرع شخصاً موالياً داخل مكتب رئيس الدولة. ولكن بالكاد، بعد خمسة أشهر من انتخابات أكتوبر/تشرين الأول من عام 2013، يجد الرجلان نفسيهما بالفعل على جانبي نزاعٍ سياسي، الذي لا بد أن يقوض بشكل جدّي من قدرة إيفانشفيلي على التأثيرعلى النظام السياسي الجورجي من وراء الكواليس.

وأكثر من ذلك، فإن نزاع مارغفيلاشفيلي- إيفانشفيلي يظهر أول اختبار جدي للدستور الجورجي الجديد، الّذي حول البلاد من شبه رئاسي إلى جمهورية برلمانية (http://parliament.ge/index.php?option=com_content&view=article&id=180&Itemid=85&lang=en).

وعلى الرغم من أن سلطات الرئيس محدودة إلى حد كبير، فإنّه ما زال يحتفظ بالسلطة الّتي تمكّنه من إحباط عمل البرلمان والحكومة. إن حق النقض على قوانين البرلمان هي واحدة من تلك الصلاحيات الدستورية التي يحتفظ بها الرئيس. ورغم أن مارغفيلاشفيلي قد ادّعى أنه يحافظ على علاقات عمل جيدة مع الحكومة (Channel 1 TV, March 19)، إلا أن حق النقض الّذي استعمله في وقت سابق من مشروع قانون استجواب الشهود يثبت انه مستعد لاستخدام سلطته على النحو الذي يراه مناسبا. وهذا لن يوتّر العلاقات بين مختلف فروع الحكومة فقط، ولكن يمكن أيضا أن يخلق عدم استقرار سياسي في البلاد — وهو أن الأزمة الّتي تعصف بجورجيا لا تستطيع تحمل تكلفتها .

علاوة على ذلك، فإن الخلاف بين مارغفيلاشفيلي وإيفانشفيلي هو أول ضربة خطيرة لوحدة ائتلاف تحالف الحلم الجورجي. ولكن هذا ليس كل شيء. في 18 مارس/آذار، عضو رئيسي آخر من تحالف الحلم الجورجي، وهو الحزب السياسي المنتدى الوطني (NF)، أعلن أنه قد يترك الائتلاف. زعيم الحزب الوطني غوباز سانيكيدزي (Gubaz Sanikidz) انتقد الأغلبية البرلمانية المتمثّلة بتحالف الحلم الجورجي بقسوة ومعظم أعضاء مجلس الوزراء لكونهم “غير كفؤين”، وقال أنه ليس هناك سوى عدد قليل جدا من الناس في البرلمان الحالي والحكومة تهمهم حقا مشاكل جورجيا ويعملون على حلها. علاوة على ذلك، كشف سانيكيدزي عن الخلافات القائمة داخل تحالف الحلم الجورجي حول توجّه السياسة الخارجية لجورجيا.

على وجه الخصوص، فإنه دعا حكومة تحالف الحلم الجورجي لأن تقرر ما يجب القيام به، في أعقاب الإنقضاض الروسي على أوكرانيا، في حال إذا عرضت موسكو إعادة منطقة أبخازيا وتسخينفالي (أوسيتيا الجنوبية) المحتلة إلى تبليسي في مقابل العضوية في الإتحاد الأوراسي؛ وقال انه سأل الحكومة ماذا ستفعل لو عرض الغرب على جورجيا العضويّة في منظمة حلف شمال الأطلسي (NATO) من دون الأراضي المحتلة (Versia, March 18; press.mediamall.ge, for.ge, March 19). واشتكى سانيكيدزي أن لا أحد في تحالف الحلم الجورجيقد  فكر في هذه الأسئلة الملحّة، وخلص بصراحة إلى انه يفكر في رحيل حزبه من الائتلاف .

وبجلاء، فإن الصّدع داخل تحالف الحلم الجورجي آخذ في الاتساع. وان خلاف مارغفيلاشفيلي مع ناصحه السابق سوف يكون بالتأكيد إضعافاً لقبضة إيفانشفيلي الشخصية على النظام السياسي الجورجي. وإضافة إلى ذلك، فإنه يمكن أن يؤدي إلى حالة من الجمود السياسي بين مختلف فروع السلطة. وعموما، فإن نزاع  مارغفيلاشفيلي- إيفانشفيلي ومغادرة المنتدى الوطني المرتقب سوف يمزّق وحدة الائتلاف ويعمل على تسريع مزيد من الانشقاقات. في نهاية المطاف، فإن تفكك تحالف الحلم الوطني سيعمل على إنهاء احتكاره للسلطة السياسية في جورجيا، وبالتالي فتح الطريق أمام قوى سياسية جديدة. وهو لم نشاهده حتى الآن، وبأية طريقة، إذا كان تفكك الحلم الجورجي سيكون فوضوياً، مما يتسبب في عدم استقرار جديد في جورجيا، أو انه سوف يكون سلمياً، لتجنيب البلاد أزمة سياسية أخرى .

المصدر:

http://www.jamestown.org/single/?tx_ttnews%5Btt_news%5D=42141&tx_ttnews%5BbackPid%5D=7&cHash=21bc089b73e1f57e1aa371f26af8cc34#.UzC0KfmSzmZ

Share Button

اترك تعليقاً