التطورات التي فرضت نفسها على الساحة الدولية — أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وترانسنيستريا — من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ للكاتب عادل بشقوي

حضرات القُرّاء الأعزاء،

يتم هنا نشر جزء آخر من كتاب ”شركيسيا: ولدت لتكون حرة“ مترجم الى اللغة العربية، وسيتبع ذلك نشر أجزاء أخرى فيما بعد

عادل بشقوي


09 أغسطس/آب 2022

التطورات التي فرضت نفسها على الساحة الدولية

الفصل الثالث عشر

أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وترانسنيستريا

يبدو أن الحرب الروسية الجورجية في صيف عام 2008 قد كُرِّست لفصل الجمهوريتين عن جمهورية جورجيا، بالإضافة إلى توسيع وتقوية التعاون مع روسيا في جميع مناحي الحياة، بما في ذلك المجالات العسكرية والدفاعية.

قال الرئيس الروسي دميتري ميدفيديف (Dmitry Medvedev) إن روسيا تعترف بمناطق جورجيا الانفصالية، أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية بأنّها مستقلة.1315

جاء التعهد الروسي بعد قرار يدعو الرئيس ميدفيديف إلى الاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، والذي تم تمريره عبر مجلسي البرلمان الروسي في 25 أغسطس/آب. وقال ميدفيديف إن قراره الاعتراف باستقلال أوسيتيا الجنوبية وأبخازيا، والذي دعا إليه الدول الأخرى التي يجب أن تفعل ذلك أيضًالم يكن خيارًا سهلاً، لكنه الإمكانية الوحيدة لإنقاذ حياة الناس“.1316

في أغسطس/آب 2013، في عشية دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي،هنأ الرئيس الروسي زعماء الجمهوريتين في الذكرى الخامسة للاعتراف الدولي بالاستقلال، ووعد بتقديم مساعدات ودعم مستقبليين من الجانب الروسي. وفي عشية العطلة، قام فلاديمير بوتين بزيارة عمل إلى منتجع بيتسوندا (Pitsunda) في أبخازيا حيث عقد اجتماعاً مع رئيس البلاد ألكسندر أنكفاب“.1317

أيضًا، لكي تبدو العلاقات أكثر ودّيّة،

وجّهَ الرئيس الروسي خطابين إلى أنكفاب (Ankvab) وإلى رئيس أوسيتيا الجنوبية ليونيد تيبيلوف (Leonid Tibilov). كتب الزعيم الروسي في الرسالتين أن قرار دعم نضال الشعبين من أجل الاستقلال، الذي تم اتخاذه في عام 2008، لم يكن سهلاً ولكنه كان الخيار الصحيح والوحيد. وأضاف فلاديمير بوتين في رسالته أن مثل هذه الخطوة كانت حاسمة بالنسبة للدول الفتية لأنها سمحت لها باتخاذ قرارات مستقلة بشأن مستقبلها. وأكد فلاديمير بوتين أن روسيا ستواصل تقديم المساعدة والدعم الشاملين للجمهوريتين.1318

ترانسنيستريا (Transnistria) عبارة عن شريط من الأراضي الواقعة شرق جمهورية مولدوفا (Moldova) المتاخمة للحدود الأوكرانية.

كان الجنرال في سلاح الجو الأمريكي، فيليب إم بريدلوف (Philip M. Breedlove)، يعبر عن مخاوفه من أن تصبح مولدوفا الصغيرة قريبًا نقطة الأزمة التالية في أوروبا . . . ساعدت قاعدة للجيش الروسي في ترانسنيستريا، تضم 1200 جندي، على ضمان حصانة المنطقة.

بعد اندلاع قتال قصير وغير حاسم، فرض الجيش الروسي هدنة على كلا الجانبين في عام 1992. وكان اللفتنانت جنرال الروسي ألكسندر ليبيد (Alexander Lebed)، وهو ضابط غير بارع وذو هالة جذابة، له فائدة قليلة لسكان مولدوفا أو للترانسنيستريين، الذين بدأوا في تكريس قطاعات من اقتصادهم إلى الاتجار بالبشر وتهريب المخدرات وتهريب الأسلحة. لكنه نجح في فصل الطرفين المتحاربين، وظلوا على هذا النحو منذ ذلك الحين.1319

هل سيكون اعترافًا مشروطًا بأبعاد مختلفة؟

استنادًا إلى الأحداث التي حدثت في الماضي ووفقًا لتوقعات الخبراء، قد تكون هناك مفاجآت أخرى في الأفق، ولكن ربما تنتظر الوقت المناسب للتغيير.

في أعقاب الضم السّافر والمتناغم لشبه جزيرة القرم من قبل الفيدرالية الروسية، يتساءل الكثيرون من هو التالي على قائمة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين؟1320 وبعيدًا عن الاحتمال المثير للقلق بشأن الإدِّعاءات الوحدويّة الروسية في شرق وجنوب أوكرانيا، تقع التكهنات حتمًا على ثلاث دول قائمة بحكم الأمر الواقع في فترة ما بعد الاتحاد السوفياتي والتي كانت منذ فترة طويلة مدعومة بالإعانات المالية من موسكو. اعترف الكرملين باثنين من هذه الكيانات الانفصالية كدولتين مستقلتين في أغسطس/آب 2008، بعد الحرب الروسيةالجورجية القصيرة: جمهورية أوسيتيا الجنوبية وجمهورية أبخازيا، وكلاهما في جورجيا. أما الثالثة فهي جمهورية مولدوفا بريدنيستروفي (Pridnestrovian Moldavian Republic) {PMR}، والمعروفة باسم ترانسنيستريا للمتحدثين باللغة الإنجليزية، لا تزال غير معترف بها من قبل موسكو. (أرسل السوفييت الأعلىمذكرة رسمية يستفسر فيها عما إذا كان بإلإمكان أيضًا، في ضوء ضم شبه جزيرة القرم، الانضمام إلى الفيدرالية الروسية).1321

لماذا المعايير المزدوجة؟

لنفترض أن الضم جاء بسبب طلب بدأه جزئيًا السكان الذين لديهم صلات روسية، دون أخذ رأي أو موافقة بقية السكان، وخاصة السكان الأصليين (الذين في هذه الحالة هم تتار القرم). فيما يتعلق بالاعتراف باستقلال جمهوريات أبخازيا وأوسيتيا الجنوبية وترانسنيستريا  من المناسب أيضًا التذكير بأن روسيا لا تهتم بالاستماع إلى صوت العقل لشعوب وأمم شمال القوقاز الذين يطالبون بالحرية وحق تقرير المصير، بينما تقول روسيا أن تلك الأمم هي جزء من فدراليتها. وهذا تناقض تام مع ما حدث في تيمور الشرقية 1322 وكوسوفو؛1323 وهي أمثلة لمن منحتهم الأمم المتحدة الحق في تقرير مصيرهم ومستقبلهم.

يتبع في الفصل الرابع عشر…

Share Button

اترك تعليقاً