مجلة أوراسيا ديلى مونيتور: الأديغيه : نقطة ساخنة جديدة في شمال القفقاس؟
العدد: 5182 الثاني من تشرين اول عام 2009
بقلم: ماربيك فاتشيكيف.
اكد مدير مكتب الامن الفيدرالى الكسندر بورتنيكوف في جمهورية الاديغية ان ما تسمى”الجماعات الاسلامية ” في الجمهورية اعلنوا أداء يمين الولاء والطاعة لدوكو عمروف ، وان هذا الاعلان يعني ان سلسلة من المجموعات المقاومة السرية قد اكتملت ، وتمتد الآن لتشمل منطقة شمال القفقاس بشكل كامل من شواطئ بحر قزوين الى البحر الاسود. وجاء هذا الاعلان بعد سنوات من استمرار الشكوك حول ما اذا كانت المجموعة الاسلامية الأديغيه موجودة اصلاً.
فكرة تأسيس حركات مقاومة في الاديغية كانت قد ظهرت اثناء جولةللزعيم الشيشاني شامل باساييف في منطقة شمال القفقاس في العام 2005 اي قبل حوالي اربع سنوات، خلال هذه الاربع سنوات العديد من المقالات اشارت الى احتمالية وجود هذه الجماعة فعلاً، لكن لم يسمع اي شيء عن انشطة قامت بها على الساحة،بعد احداث نالتشيك في عام 2005،بعض المحللين اشاروا الى احتمالية ان تصبح المجموعات المسلحة في الاديغية من اكثر المجموعات نشاطاً وان تتحول الجمهورية الى احدى النقاط الساخنة، ولكن لعدة اسباب لم تتحقق تلك التوقعات قد يكون من ابرزها مقتل العديد من زعماء الجماعات المسلحة في شمال القفقاس امثال: عبدالحليم سعدالله في 17 حزيران 2006والزعيم المشهور شامل باساييف في 10 تموز 2006، لاحقاً ادت عملية اعادة الهيكلة والتنظيم في صفوف الجماعات الاسلامية المسلحة الى تجزئتها ووقوع العديد من الخسائر في صفوفها(خاصة في الجماعات التي تضم عرقيات القرشاي والتتر)التقارير الأولى التي تحدثت عن جماعة الأديغيه كانت عندما اعلنت اجهزة الامن التابعة لوزارة الداخلية والمخابرات الروسية في مقاطعة كراسنودار عن اعتقال المدعو عسكر سيتوف الملقب “بالامير عبدالوهاب” والذي وفقاً للتصريح الرسمي انذاك كان هو زعيم الجماعة الاسلامية المسلحة في منطقة غرب شمال القفقاس، ولقد استغرب هذا التصريح واوضح عن التضارب في التصريحات الرسمية وقتها لان السلطات كانت تنكر وبشكل مستمر وجود مثل هذه الجماعات في المنطقة، حيث اعتقل عسكر سيتوف في التاسع من تشرين اول من عام 2008 خلال عملية تدقيق للوثائق على احد نقاط التفتيش في كراسنودار حيث قام باطلاق النار على رجال الامن مما ادى الى مقتل احدهم وجرح ثلاثة اخريين اثناء محاولته الفرار من الموقع الا انه تم القاء القبض عليه فوراً من قبل الشرطة في نفس الوقت، السلطات المحلية قامت بمحاكمة سيتوف في أب من عام 2009 مدعية قضاءها على الحركة الاسلامية في مهدها في الاديغية، في ذات الوقت صرح مفتي جمهورية الاديغية ومقاطعة كراسنودار ناروبي يمج ان حادثة سيتوف كانت جنائية بحتة وليس لها اي ابعاد دينية متطرفة سواء كانت وهابية او غيرها، على اية حال الجانب الحقيقي في تصريح المفتي يمج كان ان سيتوف ليس زعيم الجماعة الاسلامية في الاديغية، لان السلطات الروسية ومنذ حرب الشيشان عام 1999 انتهجت سياسة اعلامية تقوم على الادعاء بان كل مقاتل يتم القاء القبض عليه او قتله هو قائد ميداني كبير حيث كان يهدف الى تصوير اي عملية للقوات الروسية على انها نصر كبير على المتمردين وهذا الامر طبق في حالة سيتوف حيث تم الاعلان عن ضبط واكتشاف قاعدة لتخزين السلاح والذخائر في جبال الاديغية في عملية مداهمة نفذتها القوى الامنية ،بطريقتها الخاصة صرحت السلطات الروسية بأن المجموعة كانت لها قواعد في الجبال الأديغيه، ووفق تصريح مدير مكتب الامن الفيدرالي الكسندر بورتنيكوف فانه خلال الفترة الممتدة من كانون الثاني حتى ايلول من عام 2008(اي قبل اعتقال سيتوف) تمكنت اجهزة الامن الروسية من احباط اكثر من (69) هجمة ارهابية كانت يخطط تنفيذها في سوتشي وانابة، حيث كان من الواضح ان الجناة لم يكونوا افراداً بل جماعات منظمة كانت تهدف الى تقويض حلم اولمبياد الشتوية في سوتشي، بعد شهر تقريباً من محاكمة سيتوف جماعة الغرب كما تعرف من قبل الحركات الاسلامية في القفقاس اعلنت تقديمها يمين الطاعة والولاء للزعيم الامارة الاسلامية دوكو عمروف وان تكون جزء لا يتجزأ من جبهة المقاومة ضد روسيا في شمال القفقاس، واذا لم يكن هذا التصريح مجرد فبركة اعلامية من احدى الجماعات المسلحة، فمن المؤكد ان ميزان القوى في المنطقة سينقلب لصالح حركة المقاومة،خاصة ان تواجد حركة مسلحة في هذه المنطقة المحيطة بمدينة سوتشي التي تستضيف الالعاب الاولمبية الشتوية عام 2014 له العديد من الدلالات الخطيرة.
وأخيرا ، فإن التقارير الأخيرة من الأديغيه تشير الى تصاعد في مشاعر الكراهية اتجاه الروس والذين يشكلون أكثر من 60 في المئة من السكان في هذا الجمهورية الصغيرة في شمال القفقاس بينما يشكل الاديغة الشركس 26 في المئة من المجموع السكان فقط. وهذا الوضع للاقلية الشركسية يضعها امام تحدي جديد اتجاه المحافظة على أرض آبائهم وأجدادهم .
في الرابع من آب 2009، قام مجهولين بالاعتداء على احد الرموز الأرثوذكسية التي تم غرزها على اعلى قمة جبلية في الاديغية(عبارة عن مجموعة من الصلبان الضخمة التي وضعت بعد انتهاء الحرب الروسية-الشركسية)وفي 11 آب 2009، تم الاعتداء على احد الرموز بالقرب من مدخل الطريق السريع في مدينة مايكوب ، المسلمين الشراكسة يرفضون المعالم المسيحية التي اقيمت في أرض آبائهم وأجدادهم،رئيسة منظمة الاتحاد السلافي في جمهورية الاديغية المدعوة نينا كونوفالوفا تعتقد أن تدنيس النصب التذكارية للمسيحيين ليست مجرد اعمال تخريبية عادية وقالت انها على يقين من أن هذه الأفعال يرتكبها اشخاص يريدون زعزعة استقرار الوضع في المنطقة.
هذه الأحداث ، ليس لها سوابق في التوترات ذات طابع ديني بين العرقيات المختلفة في المنطقة أما الأسباب الحقيقية يمكن أن ترجع إلى القرن التاسع عشر ، عندما استعمرت الأراضي الشركسية من قبل الإمبراطورية الروسية. كلا جانبي الصراع لديه رؤيته الخاصة للحل، ان احياء الشعور القومي والتي اخذ يرتبط بمساعدة المهجر الشركسي الذي يقدر عددهم بـ 5-7 مليون اغلبهم يعيشون في تركيا المجاورة ، يعني أن المشاعر القومية والاسلامية من المرجح أن تصبح هذه الأسلحة الرئيسية في ترسانةالاديغة(الشركس) العرقية التي تسعى إلى الضغط على المنظمات غير الشركسية في الجمهورية.
وهذه العوامل مجتمعة قد تؤدي إلى اشعال نقطة ساخنة جديدة في شمال القفقاس وهناك عامل إضافي خارجي قد يؤدي الى احتدام شدة الصراع وهو التغيير جذري في السياسة من جانب القيادة الجورجية حيث كان قبل عامين الرئيس الجورجي ميخائيل ساكاشفيلي يترفع عن التواصل مع جيرانه في شمال القفقاس ، لكن اليوم يبدو أنه حريص على إقامة علاقات وثيقة معهم، اي احتمالية استبدال المنطقة لتحالفها مع الشمال(موسكو) مع تحالف جديد مع جورجيا في الجنوب وذلك في الوقت المناسب.
اخبار شركيسيا