كلينتون تلتقي مناهضين للكرملين وتكتفي بـ «تفهم ظروفهم الصعبة»
تجنبت وزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون توجيه انتقادات مباشرة إلى الكرملين، خلال لقاء جمعها أمس، مع ممثلي منظمات حقوقية روسية معارضة، لكنها أعربت عن «تفهمها» لصعوبة عمل منظمات المجتمع المدني وأبدت قلقاً بسبب عمليات اغتيال وتضييقات تعرض لها صحافيون وناشطون معارضون.
وتزامن ذلك مع تصاعد أزمة سياسية في روسيا في أعقاب انسحاب أحزاب المعارضة من مجلس الدوما(البرلمان) احتجاجاً على «تزوير» انتخابات أجريت الأحد الماضي.
وفي ثاني أيام زيارتها لموسكو أكدت كلينتون أن واشنطن تسعى الى تعاون مع الروس في مسألة الدفاع الصاروخي على رغم أن «القرار النهائي حول نشر «الدرع» لم يتخذ بعد». كما أكدت «عدم وجود نيات لدى واشنطن لنشر أنظمة صاروخية في جورجيا»، في محاولة لطمأنة الروس.
وأكدت على أن موسكو وواشنطن دشنتا مرحلة جديدة تقوم على التفاهم واحترام المصالح المشتركة، معتبرة أن المناقشات حول قضايا حساسة مثل نظام منع الانتشار وتقليص الأسلحة النووية أظهرت «أننا قريبون في مواقفنا ونعمل على تذليل الصعوبات من طريق الحوار»، مشيرة إلى أن لقائها مع الرئيس ديمتري ميدفيديف أول من أمس، كان إيجابياً و «سمعت منه كلاماً مهماً حول تعزيز التعاون في كل المجالات».
وتعمدت كلينتون عدم إثارة استياء الكرملين خلال لقائها مع رؤساء المنظمات الحقوقية المعارضة الناشطة في روسيا.
وعلى رغم أن اللقاء كان مدرجاً على جدول أعمال زيارة الوزيرة الأميركية ، لكنه جاء «مخيباً لآمال المعارضين الروس» كما قال ممثل عن منظمة «ميموريال» الحقوقية الذي وصف اجتماع المعارضة مع كلينتون بأنه كان «بروتوكولياً وتجنبت الوزيرة خلاله توجيه انتقادات مباشرة إلى أداء السلطة» .
في الوقت ذاته قال ممثل الرئيس الروسي لشؤون حقوق الإنسان فلاديمير لوكين إن كلينتون أكدت أن الولايات المتحدة معنية بنشر مبادء الحرية والديموقراطية وهي «تراقب باهتمام ما يجرى على هذا الصعيد في روسيا». وفي ما بدا أنه تغير في اللهجة الأميركية حيال هذا الملف في روسيا، زادت كلينتون أن واشنطن تدعم مبدأ الحريات وبناء المجتمع المدني «لكن المسائل المتعلقة بآليات تحقيق ذلك ومسارات العمل المطلوبة هي أمور منوطة بالشعب والمؤسسات في هذا البلد أو ذاك» .
وأشار رئيس مجموعة «هلسينكي» الحقوقية إلى أن كلينتون توقفت عند ظاهرة التضييقات المتواصلة على الناشطين المعارضين وعمليات الاغتيال التي تعرض لها صحافيون وناشطون، وأعربت عن «تضامنها وتفهمها لصعوبة الأوضاع» .
اللافت أن لقاء كلينتون مع منظمات المجتمع المدني تزامن مع تصاعد أزمة سياسية هي الأولى من نوعها منذ سنوات في روسيا، إذ انسحب ممثلو أحزاب المعارضة الروسية من مجلس الدوما (البرلمان) خلال جلسة عادية احتجاجاً على ما وصف بأنه عمليات تزوير واسعة النطاق أجريت خلال انتخابات المجالس المحلية في البلد الأحد الماضي.
وبغياب ممثلي الكتل النيابية المعارضة بقي نواب حزب «روسيا الموحدة» الحاكم الذي يسيطر على غالبية دستورية مريحة (315 مقعداً من أصل 450) وحدهم في البرلمان وواصلوا مناقشاتهم في تجاهل لافت لمطالب المعارضة. واعتبر سكرتير عام الحزب بوريس غريزلوف الخطوة «سياسية» ودعا المنسحبين إلى العودة ومواصلة نشاطهم البرلماني باعتبار أن «الانتخابات ونتائجها غدت خلفنا» في تعليق اعتبره مراقبون تأكيداً على عزم السلطات عدم فتح باب التحقيق والتعامل بشكل جدي مع «أسوأ عمليات انتخابية وانتهاكات تشهدها البلاد في تاريخها».
وقال نائب عن الحزب الشيوعي الروسي لـ «الحياة» إن «ما حدث الأحد دليل على شعور الحزب الحاكم بأنه فوق القانون»، مؤكداً أن أحزاب المعارضة مصممة على مقابلة ميدفيديف وتسليمه لائحة بالأدلة التي تثبت وقوع انتهاكات وعمليات تزوير لا يمكن السكوت عنها».
وكان حزب «روسيا الموحدة» الذي يتزعمه رئيس الوزراء فلاديمير بوتين اكتسح كل المجالس المحلية ومقاعد حكام الأقاليم في 75 إقليماً ودائرة فيديرالية وجمهورية ذاتية الحكم.
http://international.daralhayat.com/internationalarticle/66097