الشركس المطالبين بحقوقهم وهويتهم الثقافية يستحقون دعم الاتحاد الأوروبي
النداء الذي وجهه قادة الشتات الشركسي للبرلمان الأوروبي يستحق الاهتمام والدعم.
تعرض الشركس لأحد أشد درجات الاضطهاد بين أمم القوقاز الأصيلة قاطبة. فمنذ القرن الثامن عشر، عندما بدأت سلطات الإمبراطورية الروسية عمليات التطهير العرقي واسعة النطاق وترحيل السكان الأصليين، يقدر أن أكثر من 1.5 مليون من الشركس قد لقوا مصرعهم. إن استمرار السياسات الإستعماريّة الرّوسية كان لها أثرا كبيرا على شراكسة اليوم. وللأسف، فإن وضعهم في القرن الحادي والعشرين لم يهدأ.
في حين تتابع موسكو استعداداتها لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية لعام 2014، فمن الإنصاف أن نأخذ في عين الاعتبار أن سوتشي والمناطق المحيطة بها تقع في الأراضي التّاريخيّة للشركس. وتقع ملاعب دورة الالعاب الاولمبية لعام 2014 في مناطق الصراع الطويل لما بعد العهد السوفياتي — الصراعات التي على الحكومة الروسية أن نتقاسم المسؤولية التي تقع على عاتقها. هذه الصراعات لا تزال دون حل كما يتضح من الغزو العسكري الروسي لجورجيا في آب/أغسطس من عام 2008، فضلا عن دعم روسيا الرسمي لانفصال كيانين منشقّين عن جورجيا. فالصراعات المحتملة تشكل تهديدا حقيقيا لأمن وسلامة الرياضيين الأولمبيّين.
إن النهج العشوائي الذي سلكته السلطات الروسية في تنفيذ التحضيرات لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية يبيّن أن ذلك ليس مجرد مشكلة محلية واحدة لأمة بعينها. إنها بالضرورة مشكلة سياسية واجتماعية وإنسانية وبيئية تخص أوروبا بأسرها، خاصة إن قرّرت الدول الأوروبية المشاركة في الألعاب.
أولا، من الواضح أنه في سياق التحضيرات لدورة الألعاب الأولمبية، فإن وضع حقوق الإنسان في المنطقة قد تردّى بشدّة.
ثانيا، إن تجاهل المعايير البيئية بشكل صارخ قد أدّى إلى تضرّر التوازن البيئي وتسبب في تدهور حاد للوضع البيئي مع عواقب يتعذّر تغييرها على الأرجح للسكان المحليين.
ثالثا، وفقا لشهادات وملاحظات مختلفة، وصلت انتهاكات القوى السياسية والإدارية والفساد في المنطقة إلى مستوى لا يطاق.
إن جميع القضايا المذكورة هي في تعارض خطير مع المثل النبيلة للألعاب الأولمبية. وبوضوح، لا يمكن إعتبار أولمبياد سوتشي الأولمبية ناجحة على حساب القمع المنهجي للحقوق المدنية والهوية الثقافية لأمة أصلية صغيرة، أو على حساب تجاهل الأضرار البيئية التي في جميع الاحتمالات، لا أحد يمكنه تصحيحه بعد أن يشير تخفيض العلم الأولمبي إلى انتهاء دورة الألعاب الأولمبية.وهذه هي مسؤولية المنظمين التي يجب أوّلا أن يراعوها لعقد ألعاب سوتشي الأولمبية وفي المقام الأول لتعزيز المكانة السياسية لموسكو.
إن وضع الشركس غير السوي والمأساوي وغيرهم من الشعوب القوقازيّة الأصيلة يتطلّب أيضا ردود فعل عاجلة من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي على أساس القيم الأوروبية المشتركة. إن الإتّحاد الرّوسي شريكا استراتيجيا للاتحاد الأوروبي؛ وانضمت روسيا إلى عدة اتفاقيات دولية، وبالتالي يجب مراعاة الالتزامات والمعايير المنبثقة عن تلك الاتفاقيّات. وإذا تأكدت العديد من الانتهاكات لحقوق المواطنين والأمم الأصلية والبيئة، فيتعين على الاتحاد الأوروبي الرد بصرامة على الوضع. وكذلك مقاطعة أولمبياد سوتشي من قبل الدول الغربية لا يمكن استبعاده.ويجب إيفاد بعثة من الاتحاد الأوروبي لتقصي الحقائق تتألف من مراقبين مستقلين وخبراء إلى المنطقة هي واحدة من الخطوات الأولى اللازمة للحصول على معلومات موضوعية حول الوضع الشركسي وكذلك لتقييم المخاطر وتكاليف دورة الالعاب الأولمبية موضع التساؤل.
ويعتبر استعداد الشراكسة للإنخراط في حوار سياسي أمر مشجع. مثل هذا الموقف يستحق الإحترام. والمنظمات التي تتحدث عن حقوق الشعب الشركسي تستبعد أي نوع من التطرف في تصرفاتها وتؤكّد على العلمنة والطبيعة المعتدلة للحركة الشركسية. فالاتحاد الأوروبي لا يستطيع ترك الشركس وحيدين في صراعهم من أجل البقاء. حقوقهم المدنية والثقافية وقبل كل شيء، الحاجة لضمان هويتهم ولغتهم في المستقبل المنظور، حيث لا يمكن الوثوق من الحصول عليها عبر الإعلانات الرسمية لحكام الكرملين الاستبداديين. إن أوروبا مدعوّة لتحمل المسؤولية عن هذا الجزء من قارّتنا.
أخبار شركيسيا