فيينا، 5 أكتوبر / تشرين الأوّل – خشية أن يؤدّي ضخ دماء جديدة إلى تقويض مراكزهم، فإنّ موسكو والمسؤولين الموالين لموسكو قد لعبوا بالقوانين بأسلوب سريع وفضفاض للحفاظ على سيطرتهم على منظمة شركسيّة تزداد تجويفا، وبالتالي إعطاء الشّبّان الشّركس “مرتبة إمتياز” في أساليب الشمولية والتّسلّط ما يدفع البعض تجاه الإسلام الراديكالي (المتطرّف).
في يومي الجمعة والسّبت، اجتمع المؤتمر الثامن للجمعيّة الشّركسيّة العالميّة في مايكوب، عاصمة جمهورية أديغيه، لاختيار رئيس للسنوات الثلاث المقبلة، ولاختيار مجلس تنفيذي جديد لقيادة المنظّمة خلال تلك الفترة، وإلى وضع سياسة أساسيّة للمنظمة.
ولكن في المجالات الثلاثة كافّة، يقوم المسؤولين الحكوميين الشركس المدعومين من موسكو، والعاملين بشكل رمزي مع ما لا يقل عن ضابط سابق من جهاز الكي جي بي، فعلوا كل ما يمكن لإخماد أي إمكانيّة للتّغيير في الترتيبات القائمة التي تبقى بموجبها السلطات الّتي عيّنتها موسكو والمهيمنة على الجمهوريّات الشّركسيّة في شمال القوقاز مسيطرة على الوضع.
في الواقع، كانت تصرفات هؤلاء المسؤولين قاسية وصارمة، حيث أن أحد الكتّاب عنون تقريره، “هل العصر الجليدي [في الشؤون الشركسية] سيستمر حتى عام 2012؟” وأشار آخر بان موسكو كانت مشاركة في إجراءات تأتي بنتائج عكسيّة، تاركة مؤيّديها في السيطرة على نحو متزايد على الفئات المهمّشة دافعةالشّباب والفاعلين الشّركس إلى أيدي المتطرفين.
وكان قد لمّح قبل افتتاح الجلسة، كيف اعتزم المسؤولون المدعومون من موسكو أن يتصرّفوا. وقال مسؤولون ان ليس لديهم أي نية لإعطاء أية أماكن لخمسة عشر عضوا كانوا قداختيروا من قبل منتدى الشباب الشركسي لعموم روسيا والخمسة والعشرين المنتخبين من قبل المنظمات الشبابية في الجمهوريات الشركسية (www.adygi.ru/index.php?newsid=410).
ثم، على ما يبدو، وخوفا من ان تظهر الفضيحة التي افتعلوها، هؤلاء المسؤولين أنفسهم تراجعوا وقالوا ان جميع هؤلاء الناس يمكن أن يأتوا إلى المؤتمر “كضيوف، في حالة مراعاتهم لقواعد السلوك،”، تقييدا فهم على ما يبدو من قبل القوى المختلفة بأنّه يعني “عدم إبداء إعتراضات” لما يريده القادة الحاليين.
ولكن بعد ذلك بدأ المسؤولون الموالون لموسكو النّكوص حتّى بتلك الوعود. فمن ناحية، عقدوا اجتماعا خاصا لمجلس الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة على مسافة 30 كيلومترا من مكان الاجتماع الرئيسي، على ما يبدو لإبعاد الأعين “غير الضرورية” من رؤية ما كان يحدث ومن ثم رفضوا قبول الكثير من الشباب لكلا الاجتماعين.
وكان معظم الناشطين الشّراكسة قد توقّعوا أن المسؤولين الشّراكسة الموالين لموسكو سيحاولون الدفاع عن القيادة الحالية بالكامل، لكن ذلك لم يثبت أن هذا هو الحال. في حين أن العضويّة المقترحة للمجلس التنفيذي لم تتغير كثيرا، “في اللحظة الأخيرة”، شدد أرسين كونوكوف رئيس جمهوريّة قباردينو- بلقاريا على ضرورة إيجاد مرشح جديد لمنصب رئيس الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة.
الرجل هو — ويفترض أن موسكو أيضا – أسموا كانجوبي أجاخوف، مدير بنك بوم (الازدهار) في نالتشيك وهو شخص لم يلعب دورا رئيسيّا في الشؤون الشركسية حتى الآن. انتخابه أكد على إصرار الآخرين ان المجلس يقدّم توصياته على أساس “علني” بدلا من الإقتراع السري.
كل من رئيس الأديغة خاسة في الأديغيه أرامبي خاباي والعديد من الشباب الشّركس أصيبوا بالفزع، ولكن تم تجاهله ما ذكر، وكلا من الضّابط “السّابق” في ال كي جي بي ضابط أناتولي كودزوكوف وأنصاره طالبوا علنا بأن “لا يوجد سبب لوجود الشباب هنا” وأنّ آرائهم ليس لها صلة مع الموضوع.
في انتهاك لقوانين المنظمة الذّاتيّة، قال أحد زعماء الجمعيّة بأن المقترحات من الشباب “لا يمكن النظر فيها من قبل مجلس الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة” لأنها لم توضع في قالب “صحيح”. وأضاف، كما يبدو على أساس التوجيه “من جهات عليا” فإنه لن يسمح لهم بأن يتم مناقشتها في المؤتمر.
في الواقع، قال هذا المسؤول الشّركسي، بأنه لن يسمح لأي “اختلاف في الرأي من خلال المناقشات” وانه “إذا أراد أي من الشبان محاولة التعبير عن رأيه، فإنّه[هذا المسؤول المتحدّث] سيوقف المؤتمر حتى يتم إخراج هذا الشاب من القاعة”. ومن الواضح أن هذا الفرد شعر بأنه ليس لديه ما يخشاه من إعلان ذلك على الملأ
.
يوم السبت، وهو في حد ذاته يوم المؤتمر، كان على المندوبين وغيرهم المرور عبر الطوق الأمني الذي أقامته الميليشيا وأجهزة الكشف عن المعادن والميليشيات وآخرين بالزّي الرسمي وبدونه. أخبر الشراكسة الأصغر سنا بأنّ ليس لهم مكان هناك، “على الرغم من أن ما يقرب من نصف المقاعد الحمراء لم يتم إشغالها”، واقع سرعان ما اكتشفه الشّباب.
كما كان مقررا من قبل مسؤولي التنظيم “الجزء الأول من المؤتمر جرى في وجود الضيوف، وبعد ذلك فإنّ كافّة ‘الإضافيّين’اضطروا إلى مغادرة القاعة”. ونتيجة لذلك، كما لاحظ العديد من الناشطين الشّركس وخصوصا الشباب الشّركس، “الناس الذين من المفترض ان تعمل الجمعيّة لهم، لم يكن لهم الحق في معرفة كيف تمّ انتخاب رئيس الحمعيّة الشّركسيّة العالميّة”.
لضمان وجود القليل من الوقت للمناقشة، ألقى المسؤولون خطابات طويلة، من نمط خطابات بريجنيف، ومن ثم تقليص عدد أولئك الذين لديهم الحق في التصويت إلى 63. وقام المنظّمون بإبطال جميع الأصوات المعارضة، باستثناء واحد منها، “ومندوب واحد من الشباب في المؤتمر، ريمور جوجوييف.
وتحدّث جوجوييف أخيرا، لكنه تحدث مباشرة في القضايا الّتي تثير الشباب. ولتوضيح وجهة نظره، قام بترشيحإبراهيم يغنوف ليكون رئيسا للجمعيّة الشّركسيّة العالميّة، ولكن استبعد هذا الاقتراح على الفور، وذلك بسبب أن يغنوف، وعلى الرغم من تاريخ طويل من النّشاط الشّركسي، لم يكن أحد المندوبين. وبالنّتيجة، فإنّ مجموعة موسكو حصلت على مبتغاها بشأن جميع المسائل.
ولكن كما أشار أحد المراقبين، “رأى الشباب الشركس بأم أعينهم” في هذا المؤتمر المدبّر بعناية كيف تُصنع السّياسة القوميّة في واقع الأمر، وكيف يمكن للبيروقراطية (الرّوتين) فرض التوافق، “وكيف يمكن لضباط جهاز مخابرات ال “كى جي بي” السابق انتهاك القانون التّخلّي عن الإنتداب ‘بشكل إضافي’، وكم هي خاملة تلك المنظّمات التي تدّعي زعامة المجتمع.
وعلاوة على ذلك، تابع نفس هذا المصدر، رأى الشّباب الشّراكسة بأن شراكسة الشّتات على استعداد لطرح إعتراضهم على “هذا المشهد”، بأن المسؤولين الموالين لموسكو يقومون بالتدخل في المؤسسات العامة في انتهاك للقانون، وكيف، على الرغم من “الكلمات المنمّقة عن المستقبل” فإنّ الشباب “ليس لهم أي دور حقيقي”.
نتيجة لذلك وعلى الرغم من تصريحات القادة الرّسميين على العكس من ذلك، “اعترف الشّباب الشّركس بأنّهم يشكّلون قوّة حقيقية”، وأن المسؤولين متخوفون جدا ولهذا يتصرّفون كذلك، وهو الأمر الذي سيعطي بعضهم الشجاعة من أجل مواصلة الكفاح من داخل النظام ولكن قيادة آخرين حيث سيؤدي إما إلى أن يكون ذلك بشكل منفر (مثير للإشمئزاز) أو التطرّف.
إبراهيم يغنوف، زعيم تنظيم شباب الخاسة الذي استبعد ترشيحه لرئاسة الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة، وكان أكثر صراحة بشأن هذا الاجتماع وما يعني ذلك للمستقبل. مع الاعتراف بأنّ كانجوبي أجاخوف يملك المال، قال يغنوف ان هذا لم يكن كافيا (www.elot.ru/main/index.php?option=com_content&task=view&id=1479&Itemid=1).
أجاخوف سوف يكون قادرا على تسديد نفقات لجلب الضيوف وإشرابهم وإطعامهم، “لكن مهام المنظّمة الوطنيّة اليوم ينبغي أن تكون مختلفة. تلك هي المهام التي لن تتمكّن السّلطات الحاليّة من أخذها على عاتقها، وذلك لسبب بسيط هو أنّها السّلطات الحاليّة. [وبدلا من ذلك]، يجب على أن يأخذها المجتمع”.
لكن السلطات لا تفهم هذه الحقيقة القاسية. لقد كوّنوا “فراغا” في حياة الشباب، وبالتّالي، قال يغنوف: “الشباب ذاهبون الى التطرف الاسلامي.” الطريقة الوحيدة لمنع ذلك هو معالجة قضايا حقيقية، وهو أمر لا موسكو ولا مجموعتها على المسرح، ولا الجمعيّة الشّركسيّة العالميّة بتشكيلتها الحاليّة، على استعداد للقيام به.
ترجمة: أخبار شركيسيا