دع شهرتنا تكون عظيمة، بقلم أوليفر بولو
عرض مايكل تشيرتش
الجمعة الموافق 26 مارس/آذار 2010
AFP/GETTY IMAGES
موقع الإبادة الجماعية المنسية
المنتجع الروسي سوتشي علىالبحر الاسود
—————————————————————————
عنوان اوليفر بولو يقتبس صلاة للنارتيين، الأسلاف الأسطوريين لقبائل القوقاز. لقد تعطّشوا لحياة قصيرة مجيدة، بدلا من واحدة طويلة تُقضى في الغموض المريح، لكنّهم حُرموا كِلا الخياريْن. هذا الكتاب الرائع يبين كيف لُعِنت ذريتهم بشكل مماثل – رغم أن ذلك كان بقسوة متناهية أكثر
بولو يأخذنا إلى قرية بالقرب من منتجع سوتشي على البحر الاسود حيث سيتم عقد دورة الالعاب الأولمبية الشّتوية في عام 2014، ويلاحظ بأنه في هذا المكان في عام 1864 أنتهى الجيش الروسي من الإبادة الجماعية بحق القبيلة الشركسية المحلية. ماذا لو كان أحد الأماكن المرشحة لاستضافة الالعاب الاولمبية كان أوشفيتز- بيركيناو(Auschwitz-Birkenau)؟ تساءلت مجموعة من الشتات الشركسي (دون الحصول على أي رد من اللجنة الأولمبية الدولية).
من يعرف الآن عن الشركس؟ لقد تمّ رَشّهُمْ من الوجود من قبل القياصرة، ثم من قبل السوفيات، والآن من قبل دولة بوتين، فهُم واحدة من العديد من الفئات المنسية ذات التواريخ المتشابكة يسجّلها بولو بتفان.
من يدري عن النّوغي والكاراشاي والبلكار؟ من خلال قراءة المحفوظات، وتتبع ذريتهم في المنفى في منطقة الشرق الأوسط وآسيا الوسطى، يشكّل بولو صورة عن كل قبيلة وفي الدّور، تحدّد بعذوبة مجتمعات زراعيّة متساوية وقد تم محوها من الوجود. بعض الناجين، لا سيما الشركس في إسرائيل، قاموا بتدوين جذورهم في المنفى، في حين أن الأجيال السابقة من الشركس قاموا بأداء جيد في عمان من خلال المساعدة في إيجاد تلك المدينة.
ولكن هذه هي نقطة نادرة من الضوء في دورة القمع المظلمة والمقاومة والإبادة الجماعية، والتي بدأت في القرن الثّامن عشر وما زالت تتكرر بشراسة.
بدأ كل ذلك عندما قامت كاترين الكبرى ببناء طريق سريع عبر الجبال لأصدقائها المسيحيّين في جورجيا. وقد أثار تحرّكها ردة فعل من الذي لا يزال مصدر إلهام للشيشان اليوم: راع يدعى الشيخ منصور، هو الذي قاد المقاومة لهذا الإندفاع الامبريالي، والّذي كانت صورته بارزة على حائط الرئيس الشيشاني جوهر دوداييف عندما كان يقارع بوريس يلتسين في أعوام التسعينيّات.
بفقدانه زعامة “قطاع الطرق”، القي القبض على منصور وسجن، لكنه لقّن الروس درسا بألا يقلّلوا من أهمّيّة “شعب الجبل”. ودعوته للعودة إلى الإسلام النّقي كان لها صدى من قبل خلفه العظيم الإمام شامل، الذين أبقى الجيش الروسي في وضع حرج لمدة 20 عاما مهينة وذلك في منتصف القرن التاسع عشر، قبل أن يُهزم ويُسجن بدوره.
أصبحت الإعدامات المقصودة والمذابح التي تنفّذ في القرى هي وسيلة الروس القياسيّة عند فشل التدابير الصارمة الأقل وحشيّة. وكان أول استخدام موثّق لمصطلح “التطهير العرقي” من قبل وزير روسي في العام 1856.
أمّا أحفاد البلكار، والكاراشاي والشيشان والأنغوش الذين ذبحهم أو هجّرَهُمْ ستالين يُعامَلوا الآن على أنهم شيء أقل بكثير من مواطنين من الدرجة الثانية بعد عودتهم إلى “الوطن”. في موسكو، يوصم المسلمين ذوي البشرة الداكنة من القوقاز بذوي “البشرة السوداء”، وكثيرا ما يحرمون من الحقوق المدنية الأساسية.
الشيشان قد تكون الآن في دائرة الضوء، ولكن معاناة هؤلاء الذين يعيشون في بقية ما تطلق عليه روسيا بمصطلحات مضحكة على أنّها مناطقها “ذات الحكم الذاتي” في القوقاز قد ذهبت من غير ذكر إلى حد كبير. من هنا تأتي أهمية هذا الكتاب بقوته الكتابيّة. وبوصفه مراسلا لرويترز، قام بولو بتغطية حصار مسرح موسكو ومذبحة بسلان، وكان الأول على مسرح العمليّات بعد التفجيرات الانتحارية في موسكو. ولكن ما يجعل هذا التقرير فريدا من نوعه هو سرده لمقتطفات حصل عليها من التفاصيل الدقيقة لتقارير المحكمة الروسية، وكذلك (الجلد على الفودكا) من المستجوبين غير الموثوق بهم منذ البداية.
إنه لمن الملهم أن تسمع الملابسات خلف إحباط محاولة زاريما ماجاكوييفا لتفجير نفسها، جنبا إلى جنب مع عشرات من الرّوّاد في مقهى بموسكو: قصّة حياتها كئيبة، كما يلاحظ بولو، بانّه تقريبا كما لو أنّه تحدٍ للإدراك. الأمر نفسه ينطبق على نورباشي كولاييف، وهو مدان لاحتجازه للرهائن، وبقي على قيد الحياة إثر مذبحة بسلان. ويجادل بولو بشكل مقنع بأنّه كان بريئا. إنّ وحشية مجزرةشيريك في عام 1942، عندما تمت ملاحقة وذبح للنساء والأطفال في وادٍ امتلأ بهم بالكامل وملاحقتهم وذبحهم، قد تم جمع المعلومات من خلال الروايات المثيرة للدهشة. ولا تزال المسؤولية عما جرى تلقى على عاتق النازيين، بدلا من مقترفي الجريمة السوفيات.
وفي الوقت نفسه، بالنسبة لأولئك الذين يريدون أن يفهموا كيف أنّ شابا مطيعا للقانون ذو الثمانية عشر ربيعا وهو سعيد ومُجِد، يمكن أن يتحوّل من قبل الدولة الروسية الحالية إلى عاجز من الناحية البدنية والنفسية مكرّسا نفسه لقضية الجهاد، إن قصة رسول كوداييف — تركي جبلي لم يستطع دفع الرشوة الضرورية للحصول على وظيفة في الشرطة الروسية — سوف تناسب الوصف. قد يكون كل هذا يحدث في أوروبا، لكن أوروبا — في محاولة يائسة لعدم الاساءة الى فلاديمير بوتين — تقوم بحزم على غض الطّرْف.
‘إن قرص مايكل تشيرتش الضغوط الخاص بتسجيل أغاني التّحدّي: موسيقى من الشيشان وشمال القوقاز’ متوفرعلى ملصق الموضوع
ترجمة: موقع أخبار شركيسيا