نشر موقع مؤسّسة جيمس تاون الألكتروني على الإنترنت بتاريخ 17 أكتوبر/تشرين الأول 2011 مقالا للكاتب فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev) بعنوان “موسكو تصلب من موقفها المجابه مع النشطاء الشركس“، وجاء فيه:
في 23 سبتمبر/أيلول، أصدرت وزارة العدل الروسية إنذاراً رسميا إلى الكونغرس الشركسي في جمهورية الأديغيه. واتهم المسؤولون الروس الناشطين الشراكسة بالتطرف والتحريض على الكراهية. بعد الاعتراف بالإبادة الجماعية الشركسية من قبل البرلمان الجورجي في مايو/أيار 2011 ، ردّ الكونغرس الشركسي في أديغيا على الخطوة الجورجية برسالة شكر، حيث أن عبارات استخدمت مثل “الإبادة الجماعيّة للشركس من قبل الدولة الروسية في الحرب الروسية – الشركسية في الفترة من 1763-1864”. وذكر المسؤولون الروس أن مصطلح الحرب الروسية – الشركسية (المرفوض نسبة للمقبول به رسمياً بالحرب الروسية – القوقازيّة) هو “غير علمي” ويضع العرقيّين الرّوس وذوي الإثنيّة الشركسيّة في خلاف (www.elot.ru, October 12).
صرح زعيم الكونغرس الشركسي في الأديغيه مراد برزيجوف، بأن الكونغرس الشّركسي سيستأنف تحذير وزارة العدل، قائلا أنه قد تم ذكر الحرب الروسية – الشركسية في الماضي في االتقارير التاريخية الروسية. ودعا برزيجوف التحذير بأنّه “غير منطقي” و “سخيف”. “كان هناك الكثير من الحروب في الماضي، ولكن الآن، ووِفْقاً لِخُصومِنا، [فإن ذكر تلك الحروب] يحرّض على الكراهية بين الشعوب التي حاربتهم في ذلك الوقت”، قال برزيجوف (www.kavkaz-uzel.ru, October 14).
والنشطاء الشركس الذين عارضوا أولمبياد 2014 في سوتشي ويتقدّمون لتحقيق أهداف الإنبعاث الشركسي يبدون بأنهم تحت ضغوط متزايدة من الدولة الروسية. في يوم 3 أكتوبر/تشرين الأوّل، أحد هؤلاء الأبطال الشراكسة، سوادين بشوكوف (Suadin Pshukov)، قتل وهو في سيارته رميا بالرصاص في نالتشيك في قباردينو – بالكاريا (www.elot.ru, October 4). وقد انتُقِد قادة الرأي حتى المعتدلين جدا بين الشركس منهم، مثل سفيان جموخوف (Sufian Zhemukhov)، من قبل المتشددين الروس، الذين أطلقوا عليه إسم “المنظر الإسلامي في قباردا”. المختص الشركسي وهو حاليا باحث زائر في جامعة جورج واشنطن في واشنطن العاصمة. وصف جموخوف الوضع الحالي في قباردينو – بالكاريا بِأنّه “عودة الى زمن ستالين”. ومتحدّثاً عن قصة سليمغيري جموخوف (Zalimgeri Zhemukho)، الذي قتل على أيدي أجهزة الأمن الروسية، وأُعلِنَ بأنّه من “المتمردين”، أظهر جموخوف بأن فشل الحكومة في متابعة الإجراءات القانونية يهدم ثقة الشعب في مؤسسات الدولة. “ليس لدي أي سبب لعدم الثقة في المعلومات الرسمية [عن سليمغيري جموخوف كونه من المتمردين] بمعزل عن معرفتي الشّخصيّة بسليم، كتب سفيان جموخوف في صفحته على الإنترنت. وقال الكاتب إن الاتهامات ضد سليمغيري جموخوف كانت سخيفة جدا بحيث أن أحدا من أصدقائه والعديد من أفراد أسرته سوف لن يصدقوا يوماً الرواية الرسمية. وناشد سفيان جموخوف فلاديمير بوتين بأنه الشخص الوحيد الذي يمكنه أن يوقف ما وصفه بِ “العنف العبثي” في قباردينو – بالكاريا، خوفا من أنّه إن لم يفعل بوتين ذلك، فإن “الجيل الحالي [في الجمهورية] سيُقضى عليْه” (http://echo.msk.ru/blog/word/799676-echo/).
قد يُسلّط رصد سفيان جموخوف للأحداث ومجرياتها في قباردينو – بالكاريا الضوء على سياسة الحكومة الروسية في المنطقة. العنف في شمال القوقاز، وتحديدا في قباردينو – بالكاريا يرمز على نحو متزايد إلى حرب إمبرياليّة على النّسق القديم ضد شعب صغير. الاشتباكات لم تعد تقتصر على المتمردين والقوات الحكومية: الشخصيات العامة المحلّيّة والمستقلة في تفكيرها وواقعياً يمكن لأي شخص يعتبر ذو شعبية وخارج سيطرة الحكومة قد يكون الضحية التالية. وتبدو الحكومة الروسية عازمة على إشباع الحياة العامة في قباردينو – بالكاريا بالخوف، والّذي من شأنه أن يسمح لموسكو السيطرة على الوضع بطريقة أكثر كفاءة من أجل عرقلة وإحباط أي تهديد لدورة الألعاب الأولمبية في سوتشي في عام 2014.
في 15 أكتوبر/تشرين الأوّل، وجهت مجموعة من أقارب المتمردين في قباردينو – بالكاريا بياناً إلى الحكومة ومنظمات المجتمع المدني حول القتال المستمر في الجمهورية. وجاء في بيانهم: “يتعرّض المسلمون للاضطهاد على أساس قوائم “وهابية” ‘[التي صنّفتها الحكومة]، وزرع عيّنات من الذخيرة [في منازلهم]، وتعذيبهم باستخدام أساليب قاسية ولاإنسانية… ضدّهم. إنهم [المسلمون] لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم بطريقة قانونية. هذا هو السبب الحقيقي وراء تطرف الشبان المسلمين” (www.kavkaz-uzel.ru, October 15).
وفي الوقت نفسه ، ونظرا للحالة الأمنية غير المستقرة في شمال القوقاز، فإن بعض الخبراء الغربيين يساورهم القلق بشأن دورة الألعاب الأولمبية الشّتوية المقبلة لعام 2014 في سوتشي. وقال الاستاذ في جامعة جورج تاون هارلي بالزر (Harley Balzer) لخدمة القسم الرّوسي في صوت أميركا ان الولايات المتحدة والبلدان الأوروبية تواجه مهمة صعبة في تحديد ما إذا كانت ستشارك في دورة الألعاب الأولمبية في عام 2014 أو الامتناع عن المشاركة لأسباب أمنية (http://www.voanews.com/russian/news/Sochi-Olympic-conflicts-2011-10-14-131843498.html).
ويتم تضخيم أهمية القضيّة الشركسيّة نتيجة للإنتفاضات الأخيرة في الشرق الأوسط. الشتات الشركسي مبعثر في مختلف أنحاء الشرق الأوسط، ولعب دورا بارزا سواء في المعارضة أو مع الحكومة في بعض من تلك البلدان. الشراكسة في ليبيا عارضوا حكم العقيد القذافي، في حين ما يقدر عددهم بِ 50000 شركسي في سوريا ظلوا إما محايدين أو إلى جانب حكومة الرئيس بشار الأسد. وورد بأن المعارضة السورية هدّدت الشركس، محذرةً من أنها عندما تأتي الى السلطة في البلاد فإن الشركس سوف يتم “اعادتهم الى القوقاز”. محاولات من قبل نشطاء شراكسة للضغط على الحكومة الروسية لقبول لاجئين من سوريا، وفي وقت سابق من ليبيا، قد فشلت حتى الآن (PONARS Eurasia Policy Memo No. 180 September 2011www.gwu.edu/~ieresgwu/assets/docs/ponars/pepm_180.pdf).
على الرغم من كونه بلداً قليل السّكّان إلى حدٍ كبير مع تسارع إنخفاض عدد السكان فيه، فإن من المرجّح أن لا تعطي روسيا الضوء الأخضر لعودة أي عدد كبير من الشركس إلى شمال القوقاز. هذا بدوره، من المُرَجّح أن يثير المزيد من العداء بين الحكومة الروسية والنشطاء الشركس. النّاشطة الشّركسيّة شيشيك شيق والتي مقرّها في الولايات المتحدة الأميركيّة حذرت من أنه إذا لم تتغيّر السياسة الروسية تجاه القضية الشركسية فإن “حركات مستقلّة وليدة سوف تبدأ في كسب المؤيدين لأن المزيد والمزيد من الشركس يفقدون الأمل في إيجاد حل تصالحي” (www.reuters.com, October 13).
موسكو بدورها تحاول تعزيز الموالين الشركس لها، مثل عسكر سوخت (Asker Sokht)، الذي يرأس جمعية شركسية في منطقة كراسنودار، حيث من المقرر ان تعقد دورة الألعاب الأولمبية في عام 2014. وكان سوخت قد أدرج في الوفد البرلماني الروسي إلى الجمعيّة البرلمانيّة لمجلس اوروبّا وحاول التنكّر لمطالبات الشركس الآخرين حول الإبادة الجماعية وغيرها من القضايا ذات الصلة. وعلى وجه الخصوص، نفى سوخت حتى وجود شعب شركسي موحّد، مقوّضاً وجود القاعدة الاجتماعية لأولئك الذين يعارضون أولمبياد سوتشي على أساس أن الدولة الروسية اقترفت الإبادة الجماعية ضد الشركس (http://www.natpress.ru/index.php?newsid=6915).
الوضع في قباردينو – بالكاريا وغيرها من المناطق المأهولة بالشركس في شمال القوقاز يبدو بأنه مرشح إلى مزيد من عدم الاستقرار لأن موسكو تبدو غير مستعدّة لتقديم تنازلات، بينما النّفور الشركسي من الحكومة يتّجه لمزيد من التدهور والناشطين المسالمين مثل سوادين بشوكوف يقتلون بوحشيّة من قبل أجهزة الأمن الروسية.