بلطجيّة الإستعمار الرّوسي

بلطجيّة الإستعمار الرّوسي

خرجت علينا الأخبار مؤخّرا عبر المواقع الإلكترونيّة على الشّبكة العنكبوتيّة ووسائل الإعلام المختلفة بتصريحات منقولة عن القنالات التلفزيونيّة الحكوميّة الرّوسيّة ومنسوبة لمتحدث قُدّم بأنه رئيسا لمجموعة “سرّيّة” تدعى “بالصّقور السّود”  (Black Hawks)، وهي مجموعة مناهضة للوهّابيّة وُصف بذلك من خلال المقابلات التلفزيونية التي جرت معه من قبل قنالات التلفزيون الرّوسي، وفسح له المجال لأن ينفث سموما يكاد أن يُعْرَف مصْدرها، وذلك بهدف اختراق حاجز العجز الرّوسي والجدل البيزنطي والتهديدات والشتائم. وقال من زعم  أنّه زعيم المجموعة التي تطلق على نفسها مجموعة “مكافحة الوهابية” وتطلق على نفسها اسم الصقور السود (Black Hawks) (Chernye Yasterby)  في مقابلة مع تلفزيون رن (Ren-TV) بأن مجموعته  ستقتلأطفال المتمردين.؟؟ “دعوهم [المتشددين] يجمعون الجزية من رجال الأعمال ومن بارونات الفودكا، ولكن لا تدعوهم يقتلون أطفالنا”، قال رئيس الصقور السود، الذي لم يكشف عن إسمه، “اذا استمرّوا بهذا الأسلوب، فإننا سوف نقتل أطفالهم، حتى يشعروا كم ذلك مؤلما. لقد سئمنا العنف الشديد من هذه الوحوش الملتحية الذين لا يدْعون الجمهورية تعيش في سلام”. (Interfax, March 2)

ومن منطلق الحرص على إظهار حقيقة ما يجري، يجب تبيان: “يكاد المريب أن يقول خذوني”، حيث {قال الكسندر تورشين (Aleksandr Torshin)، وهو النائب الأول لرئيس مجلس الفيدراليّة الروسية وعضو في اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب (NAK)، ان ظهور الصقور السود في قباردينو –  بلقاريا كان “طبيعياً جدا ومبرراً”، وقال لإنترفاكس ان الناس الذين انضموا إلى الصقور السود هم “قوة حقيقية” تكوّنت من “الشباب الذين يريدون أن يعيشوا وفقا للقوانين المتحضرة، وليس وفقا للقواعد الاسلامية الراديكالية”. وأضاف تورشين: “ان الإرهابيين الملتحين يروّجون نظاما إسلامياً حازماً، لا يشترك في شيء مع القيم الأوروبية، وبالتالي فإن ظهور مثل هذا الهيكل السري في جمهوريّة قباردينو –  بلقاريا هو أمر طبيعي جدا. … سأعطي رأيي المتناقض. وأعتقد أن قوى تنفيذ القانون المحلية لا ينبغي أن تقاتل هؤلاء الناس الطيبين من الصقور السود، الذين يقاتلون الوهابيين، ولكن يتسنّى استخدامهم لأنه يمكن أن يصبحوا قناة معلومات جيدة.}. إن ذلك الخطاب ينم عن محاولة لترسيخ الإحتلال الإستعماري والإضطّهاد وسياسة الإملاء ومتابعة تجاهل المشاكل الحقيقيّة.

فإذا كان “الشيئ بالشيئ يذكر”، فإنّه تبقى ذاكرة الوطن التي تدوّن وترسّخ مجريات الأمور وزيف ما يصدر عن المحتلين وأدواتهم ووكلائهم وأزلامهم وجواسيسهم الّذين يقيمون بين ظهرانينا بصفات مختلفة، سواء داخل الوطن أو في ديار الشّتات وفق أسس وتوجيهات وصفات ومهمات توكل إليهم من قبل المستعمرين الذين يحتلون الوطن الغالي، وتحديدا عبر رموز السلطة وأذرع مخابراتها والبعثات الدبلوماسيّة في الدول المختلفة، لكن ياتي الإصرار الشّركسي للحفاظ على نهضة ومجد وعزّة الأمّة.

ومن باب أن الخطأ لا يعالج بالخطأ وكذلك “ولا تزرُ وازرةٌ وزرَ أخرى”، تأتي الدعوة، لا بل المبادرة الشّريرة والشيطانية لإعلان حرب بالنيابة عن الإحتلال الروسي لقتل النساء والأطفال للإجهاز على من تبقّى على قيد الحياة في الوطن الشّركسي، بعد كل جرائم القتل والإبادة الجماعية والإقصاء والطرد لما يزيد عن 90 بالمائة من الأمة الشركسية خارج الوطن المحتل؛ لكن جاءت الدعوة المشكوك بها وبمصدرها، لا بل الذين قاموا ببلورتها وإخراجها إلى حيّز الوجود والتنفيذ، على ما صدرت عنه وعليه، حيث خرج على الملأ أحد البلطجية والزعران ولكن عبر ماذا؟ إنّه ظهر عبر القنوات التلفزيونية الحكوميّة الرّوسيّة التي لا تمر شاردة ولا واردة عبرها أو من خلالها بدون موافقة مسبقة من قبل المخابرات الشرّيرة التي تُدعى أجهزة الأمن الفيدراليّة “إف إس بي” (FSB). إن من يقول وهو مقنّع أمام خلفية تظهر العلم الشركسي المعروف للقاصي والداني (ولكن المتحدّث متواجد في ما يدعى بجمهوريّة قباردينو – بلقاريا، حسب التقسيم الإستعماري للوطن الشركسي، الّذي عمل الإحتلال الإمبريالي على استحداث علم من نوع آخر خاص بها!) قولا باطلا وإجرامياً ومشكوكاً فيه، لا يصدر إلا عن المجرمين أبناء المجرمين الذين أوغلوا في هذه الأمة قتلاً وتدميراً وتزييفا للحقائق وسفكا للدماء الزكية للضحايا الأبرياء، ولكن من علت هِمّتُهْ طالَ هَمّهْ.

لا يسعنا إلا أن نشير في هذا المجال إلى الآية الكريمة الّتي تقول “فذكّر إن نفعت الذّكرى”، وكذلك للأخرى التي تقول “فإن الذكرى تنفع المؤمنين”، وحسب الشراكسة الله ونعم الوكيل، فقد أوغل المجرمون، قتلة الأمم وهم ورثة القياصرة الرّوس المجرمون، والّذين يتمثّلون في الوقت الحاضر بأذرع المخابرات الروسيّة العلنيّة والخفيّة والشوفينيين والقوميّين الروس ومرتزقتهم من القوزاق الدّخلاء الذين جُلبوا إلى منطقة شمال القوقاز لاستيطانه وطرد سكانه الأصليين وتغيير معالمه، وقمع كل من طالب باستقلال القرار والمحافظة على الخصوصية القومية والثقافية والإجتماعيّة، خدمة لأهداف الإمبريالية الرّوسيّة غير الأخلاقيّة والدّنيئة، لتجعل الوطن مرهون بجعله وفق أوضاع وأنظمة من الدمى لكن عميلة وقمعيّة وفاسدة وبنفس الوقت تابعة لدكتاتورية مخابراتية وقمعية وطاغية.

انه لأمرٌ مستهجن أن يأتي (وهو دخيل بالضرورة) من ينادي بقتل الذين لا ناقة لهم ولا جمل فيما يحدث في أقاليم شمال القوقاز ولا سيما الأقاليم الشركسية منها، وتحديدا جمهورية قباردينو – بلقاريا الشركسية، وتكييف الأمور لتظهر على نحو مخالف لجوهرها وحقيقتها، وذلك لا يصدر إلا عن الطّغاة ومصاصي الدماء الذين يتوقعون زوالهم واندثارهم، في “حالة وسط بين الوجود و العدم”، لكن تقول الحكمة أن “الّلسان الطّويل دلالة على اليد القصيرة”، وكذلك التظاهر بالفضائل قد يكون غطاءاً للرذائل.

لقد وردت التعليقات وعبارات الإستنكار والتي ظهرت على مواقع الكترونيّة مختلفة من قبل شراكسة أوفياء لوطنهم وأمّتهم وآخرين من ذوي الضمير الإنساني اليقظ والحي باستنكار مثل هذه المخططات والأقوال والتّهديدات التي طالت أناس لا ناقة لهم ولا جمل بما يجري من آثار كارثيّة ساهمت السلطات الإستعمارية الرّوسية في إيجادها وتنميتها وتعزيزها إلا أنها باتت تشكل تهديداً حقيقياً مباشراً على وجودها وبقاءها في أراض هي ليست لها، لا بل ولا تمت شعوب هذه المناطق بصلة لشعبها المشرذم الذي لا يستقر رأيه على ماهيّة وكنه أصوله وجذوره.

من الواجب القول أن قتل الأبرياء ليس من شيم الكرام وفي نفس الوقت فإن احتلال البلاد ونهب ثرواتها ما هو إلا استعمار مقيت، وتقول الحكمة: من يمسك السكين على رقبتي لا يمكن أن يمسك دمعة صغيري.

 

إيجل

 

Share Button