الشركس ينظمون صفوفهم مع اقتراب أولمبياد سوتشي
الكاتب: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)
ترجمة: عادل بشقوي.
في 31 أكتوبر/تشرين الأول، وافق برلمان قباردينو – بلكاريا على إصدار نداء إلى رئيسة مجلس الإتحاد الروسي فالنتينا ماتفيينكو (Valentina Matvienko) ورئيس مجلس الدوما الروسي سيرغي ناريشكين (Sergei Naryshkin) للمساعدة في عودة الشراكسة السوريين إلى الوطن في شمال القوقاز. “أكثر من 150000 من الشركس يعيشون على الأراضي السورية،” كما أشار النداء. “لقد عانوا من المشاق، كالفرار من منازلهم. ويرتبط تطلعهم الطبيعي في العودة إلى وطنهم التاريخي ارتباطا وثيقا بمخاوفهم على سلامتهم الشخصية ورفاههم، وللحفاظ على هويتهم الثقافية [في سوريا].” حتى الآن، ما يقدّر بِ 1000 من الشركس السوريين غادروا سوريا إلى شمال القوقاز (http://ria.ru/arab_riot/20131031/973944694.html#ixzz2jQRGN5xD).
لا يعتبر نداء برلمان قباردينو – بلكاريا الى البرلمان الروسي خطوة عديمة الأهمية، بل واستلزم جرأةً معتبرة من جانب حكومة الجمهورية نظرا لانزعاج موسكو مع القضية الشركسية. على الرغم من أن موسكو فضّلت التزام الصمت حول القضية الشركسية أو انها تقوم بالإدلاء ببيانات حيادية في بعض الأحيان في التحضير لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في سوتشي لعام 2014، إلا أن المحللين الروس، وكثير منهم مقربين من الحكومة، هاجموا الشركس بشكل متكرر وبطرق متعددة. بالتأكيد الحكومة الروسية لن تكون سعيدة بصدد محاولة المجلس التشريعي في جمهورية قباردينو – بلكاريا لمطالبة الحكومة المركزية الاستجابة لمحنة الشركس السوريين. على الرغم من ضغوط جدية من موسكو، فإن الحكومات الجمهورية في الجمهوريات الشركسية يبحثون عن طرق لدعم القرابة الإثنيّة. على سبيل المثال، أنشأت الحكومة في جمهورية أديغيا موقعاً خاصاً على شبكة الإنترنت ليساعد على إقامة روابط بين اللاجئين من الشراكسة السوريين في الجمهورية وأعضاء عشائرهم المحلّيّين. فر ما يقدر بنحو 130 أسرة من الشراكسة السوريين إلى جمهورية أديغيا بعد تصاعد الأزمة السورية (http://ria.ru/society/20131031/973893088.html).
أشارت موسكو بأنها لا توافق على عودة الشركس إلى شمال القوقاز. وبصرف النظر عن وقف تدفق اللاجئين الشركس من سوريا، اتخذت الحكومة الروسية أيضا موقفا أكثر عدائية تجاه هؤلاء اللاجئين الّذين تمكّنوا من الوصول إلى البلاد. على سبيل المثال، تم تغريم المنظمة الشركسية المدنية بيريت (Peryt) لمساعدتها مجموعة من 19 من الشركس السوريين بالحصول على تأشيرات روسية لرجال الأعمال. وصل هؤلاء الناس إلى روسيا ثم توجّهوا إلى الحكومة الروسية للحماية كلاجئين من سوريا. السلطات ألزمت بيريت بغرامة ضخمة مقدارها 250000 دولار، والذي من شأنه أن يؤدي عمليا إلى إغلاقها. تم تغريم اللاجئين أنفسهم حوالي 70 دولاراً لكل واحدٍ منهم لِ”كذبهم” في طلبات التأشيرات الخاصة بهم. فصلتْ محكمة في نالتشيك في القضيّة لصالح منظمة بيريت، لكن لا يزال غير واضح كيف سيكون رد الحكومة (http://www.kavkaz-uzel.ru/articles/232464/).
أولمبياد سوتشي، الذي سيقام على الأراضي التاريخية للشركس، يعد حدثا بارزا سيوفر نقطة حشد للنشطاء الشركس لاستخدامها من أجل تحقيق اهتماماتهم. وقال روسلان غفاشيف (Ruslan Gvashev)، الزعيم الشركسي في منطقة كراسنودار، في مقابلة مع منظمة لحقوق الإنسان مقرها في نالتشيك أن الشراكسة يجب أن يكون لهم وضع السكان الأصليين للمنطقة، وأن يكونوا ممثلين بشكل صحيح في برنامج أولمبياد سوتشي. واضاف “انهم يقولون لنا”، سوف تكونوا مُمَثّلين أيضا في دورة الألعاب الأولمبيّة، هناك الرقص، وما إلى ذلك، و”لكن نحن لسنا ‘ أيضا ‘ – نحن الشعب الأصلي الوحيد لهذه الأرض”، كما ذكر غفاشيف. وذكر الناشط أن الشركس توقّعوا أن تولي الحكومة الروسية نفس القدر من الإهتمام نحو السكان الأصليين في المنطقة كالحكومات التي أولت اهتماماً بأن دفعت للسكان الأصليين في ألعاب أولمبية سابقة، مثل دورة الألعاب الأولمبية الشّتويّة في فانكوفر في كندا (http://www.youtube.com/watch?v=wZ4puMrbJSA&feature=share&list=UUGahtd72bcCG-dM3XtDKpvg).
في أكتوبر، تم إنشاء جمعية للخريجين الأجانب من جامعة قباردينو – بلكاريا الحكوميّة في نالتشيك. شهد الشهر الماضي أيضا إطلاق موقع على شبكة الإنترنت يحكي قصة ترحيل الشراكسة إلى الإمبراطورية العثمانية من قبل الحكومة الروسية في القرن التاسع عشر، وذلك اعتماداً على وثائق تاريخية. “الحركة الشركسية متعددة الجنسيات آخذة في الإزدياد” لأن إرساء الديمقراطية في تركيا قد سمح للشتات الشركسي القوي الذي قوامه 5 ملايين نسمة في هذا البلد للتنظيم ويصبح صوتا هاما للشراكسة، حسبما روى الناشط الشركسي أنزور كابارد (Andzor Kabard) إلى موقع كافكازكي أوزيل (Kavkazsky Uzel) (Caucasian Knot). ووفقاً لكبارد، أتاح اعتراف جورجيا بِ”الإبادة الجماعية” الشركسية للقضية الشركسية بأن تثار في الساحة الدولية، مثل الجمعية العامة للأمم المتحدة، في حين أن الحرب في سوريا جعلت مسألة عودة الشراكسة إلى شمال القوقاز أكثر إلحاحا من أي وقت مضى وحفّز أولمبياد سوتشي الشراكسة في جميع أنحاء العالم وساعدهم على جعل مشاكلهم معروفة عالميا. سرد كابارد المشاكل الرئيسية التي يواجهها الشركس في شمال القوقاز كفقدان الحق لتوحيد الشركس في وطنهم التاريخي، وتراجع وضع اللغة الشركسية، والنّكوص عن علمنة قباردينو – بلكاريا، ونظام الحكم شبه الإقطاعي الذي تفرضه موسكو في شمال القوقاز، وتفسيرات المؤرخين الروس العدائية للتاريخ، والتحريض على الصراعات العرقيّة والدّينيّة من قبل دعاية الدولة (http://www.kavkaz-uzel.ru/articles/232398/).
يظهر أن نشطاء الشركس وجدوا حليفا – وإن كان على حذر – بين إحدى الحكومات الجمهورية من الجمهوريات الشركسية في شمال القوقاز. في الوقت الذي تزداد فيه النزعة القومية الروسية في روسيا، هناك قوميات أخرى تجد نفسها ملزمة لأن تحذو حذوها، مستوحاة من أحداث التّحرّش في موسكو بمسلمين من آسيا الوسطى والقوقاز. حتى النخب الموالية ظاهريا لموسكو في جمهوريات شمال القوقاز تبدي دعما لأقاربها العرقيين، متشابكةّ ضمنيا مع مصالح موسكو.
المصدر: