نافذة على أوراسيا: بلطجة موسكو حيال أوكرانيا تقوض مشاريع إستعمار بوتين الجديد – وتضر بروسيا أيضا

نافذة على أوراسيا: بلطجة موسكو حيال أوكرانيا تقوض مشاريع إستعمار بوتين الجديد – وتضر بروسيا أيضا

 

بول غوبل (Paul Goble)

ترجمة: عادل بشقوي

ستاونتون 27 نوفمبر/تشرين الثاني – من خلال التعامل بأسلوب البلطجة مع كييف من أجل تأجيل التوقيع على اتفاق شراكة مع الإتحاد الأوروبي، قد يكون الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد ربح معركة لكنه خسر الحرب، كما يقول معلقون، لأن أفعاله الآن ستجعل من غير المحتمل بأن تنجذب جمهوريّات سوفياتيّة سابقة الواحدة إلى الأخرى ضمن مشاريعه الإستعمارية الجديدة .

في نفس الوقت، ومع ذلك، وكما يظهر نهج بوتين نحو كييف، فإن بعض هذه الدول أو على الأقل النخب السياسية فيها يمكن تخويفها على نحو فعال، وهذا يعني أن من المرجح أن ينخرط الكرملين في المزيد من مثل هذه الجهود في المستقبل على الرغم من أنّ ذلك سوف ينفّر هذه الدّول من روسيا و يقوّض حكوماتها في نظر شعوبها .

ثلاث معلّقين روس هذا الاسبوع جديرين بالملاحظة على وجه خاص في هذا الصدد. في مقال نشر يوم الإثنين على موقع “أوسوبايا بوكفا” (Osobaya bukva)، يقول رومان بوبكوف (Roman Popkov) أن “الإمبراطوريات والفيدراليات والائتلافات والفضاءات الجيوسياسيّة الكبيرة الأخرى لا تنشأ كما يحاول السّيّد بوتين إنشائها (specletter.com/politika/2013-11-25/za-derzhavu-obilno.html).

منذ فترة طويلة، في ظل ظروف أواخر النّظام الإقطاعي، يضيف بوبكوف، كان من الممكن بناء إمبراطوريات بالقوة والرشوة، “لكن في الوقت الحاضر، لا يتم تأسيس مشاريع جيوسياسية ناجحة في هذه الطّريقة”. يمكن للمرء أن يقوم دائماً برشوة النّخب أو يستخدم ضغطاً إقتصادياً أو عسكرياً إذا كان أحدهم حاصلاً عليها، لكن ذلك لا يعمل لفترة طويلة جدا لأنه يزعزع وينفر تلك الأطراف التي يأمل أن يجذبها.

النخب في هذه البلدان حتماً “تغيروا. النخب التي يمكن شراؤها يمكن أن يفسحوا المجال لهؤلاء الّذين ليسوا فاسدين”. “ما هو الضروري لبناء إمبراطورية هو نظام جذاب، واحداً يريد الآخرين ان يحذوا حذوه و يكونوا جزءا منه. لقد فهم الأمريكيون ذلك، وحتى السوفيات اعترفوا به حتى قرب النهاية بنفس  النهج.

ولكن في نهاية الحقبة السوفياتية، فإنّهم نسيوا كذلك أو أنّهم لم يتمكّنوا من استغلال نموذج جذاب حيث كان من الواضح بأنه لم يكن لديهم واحداً. كل ما بقي هو القوة الاقتصادية أو العسكرية. كما يشير بوبكوف، بأن بوتين إلى حدٍ كبير هو “رجل من الإتحاد السوفياتي السابق” ويتصرف وفقا لذلك مع جميع “الطفرات والعيوب والنواقص الجينيّة” في ذلك الوقت.

لو أمضت روسيا خلال العقد الماضي بجعل نفسها بديلا جذابا للاتحاد الأوروبي، كان يمكن أن تجذب أوكرانيا والآخرين الى جانبها، يواصل بوبكوف، ولكن بدلا من ذلك، ركزت موسكوعلى إثراء نخبها وافترضت أنه يمكن الحصول على ما تريد من خلال التهديدات، والقوة، والرشاوى وحدها.

قد يؤخر ذلك انضمام أوكرانيا إلى أوروبا سنة أو ثمانية عشر شهرا، ولكن لن يمنعها من ذلك، مهما كان يعتقد بوتين. في الواقع، من خلال إعادة إشعال روح الميدان (Maidan spirit)، بوتين وشريكه يانوكوفيتش (Yanukovich) جعلوا من المرجح بأن أوكرانيا ودول أخرى ستتحرك في ذلك الإتجاه بسرعة. ألا يفهم ضباط الكى جي بي (KGB) ذلك؟ يتساءل بوبكوف بصيغة خطابيّة.

وفي تعليق ثانٍ، هذا التّعليق على موقع كاسباروف آر يو (Kasparov.ru)، يقول يفغيني إخلوف (Yevgeny Ikhlov)أن الميدان الأوروبي (Euro-Maidan) في كييف وغيرها من المدن الأوكرانية هو “المؤشر الرئيسي لإنهيار فكرة القوّة العظمى الروسية”، وهو الإنهيار الذي يشير بأنّه يعكس تحوّلات بنيويّة وسيكون له عواقب بعيدة المدى (kasparov.ru/material.php?id=5294958CEDA26).

على الرغم من مواجهة يانوكوفيتش نتيجة لضغوط بوتين، إلا أن “التكامل الأوروبي والاستقلال عن موسكو” يبقى “أساس الفكرة القومية الأوكرانية”، وهذا بدوره هو “حفّار القبور للعظمة الرّوسيّة الكبرى” لأن “موسكو لا يمكنها أن تعارض ذلك بأي شيء باستثناء الابتزاز الاقتصادي المبتذل”.

وينبّه إخلوف بأن  قبل 70 عاما، استخدم النازيون معاداة السامية ليكون خط دفاعهم الأخير لمعارضة الديمقراطية الغربية وكما هو  اليوم، موسكو تهتف “مثلي الجنس، مثلي الجنس، مثلي الجنس” بنفس الطريقة على الأغلب. فهذا لا يجب أن يكون بهذه الطريقة، حسبما يشير. كان يمكن لروسيا أن تجعل نفسها أكثر تقبّلاً، وحتى أن تقدم نفسها بأن لها صلةً خاصة بأوكرانيا.

لكن في الأسابيع الأخيرة، لم تنبس موسكو ببنت شفة عن الروابط الرّوحية بين الرّوس والأوكرانيّين ولم تتحدّث بشكل “مثقف إلى مثقف” أو حتى “عامل إلى عامل”، كما قد يكون حدث في وقت سابق. بدلا من ذلك، تصرفت وكأنّها سيّدة الأثرياء تتعامل مع “معشوقة اقليمية شبه عارية”. هذا هو “الإفلاس الكامل لِ [روسيا عُظمى]”.

علاوة على ذلك، فإن هذه الغضاضة تعكس مشكلة أوسع نطاقا: “استنفاد كامل لإمكانيات التكيف للثقافة الروسية،” من عدم القدرة الحالية على استيعاب الآخرين أو حتى جذبهم. بدلا من ذلك، السلطات الروسية المفترضة “أظهرت أنها قادرة على كبح جماح الشعوب فقط عن طريق التخويف واستمالتهم فقط عن طريق الرّشوة”.

أخيرا، على موقع روفابولا (Rufabula.com) وعلى الموقع الخاص به، يقول ألكسي شيروباييف (Aleksey Shiropayev)، وهو متخصص إقليمي روسي معروف، إن الأحداث الأخيرة بين روسيا وأوكرانيا وكذلك ضمن الفيدراليّة الرّوسيّة تظهر أن روسيا لا تزال إستعماريّة، وهي نسخة “متضائلة” من اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (USSR) تنظيمياً و فكرياً (rufabula.com/articles/2013/11/26/russia-clearly-stuck وshiropaev.livejournal.com/306475.html).

على الرغم من أن بوريس يلتسين حاول تغيير ذلك في البداية، يقول شيروباييف، إلا أن أحداث عام 1993 في ذلك الوقت والدستور الروسي أكدوا “ان روسيا لا تزال في النموذج الإستعماري التاريخي السابق”. وخلافا للعديد من الجمهوريات السوفياتية السابقة، لم تصبح روسيا “بلداً جديداً”، بلد يمكنه أن يستهوي شعبه وتلك الشعوب الجارة له.

ونتيجة لذلك، فإنه يتم تنفير ليس فقط هذا الأخير كما تظهر الأحداث الأوكرانية ولكن السابقة كذلك.

المصدر:

(http://windowoneurasia2.blogspot.com/2013/11/window-on-eurasia-moscows-bullying-of.html)

Share Button