التّلفزيون الرّوسي يزعم أن ناشطاً شركسياً يتآمر ضد الدّولة الرّوسيّة
الناشر: أوراسيا ديلي مونيتور (Eurasia Daily Monitor)
الكاتب: فاليري دزوتسيف (Valery Dzutsev)
ترجمة: عادل بشقوي
في 12 نوفمبر/تشرين الثاني،بثّت قناة تلفزيون روسيا إن تي في (NTV) برنامجاً بعنوان “من يريد تقسيم روسيا؟” التي أدرجت أناساً يفترض بأنّهم يريدون تقسيم الفيدراليّة الرّوسيّة. وشملت اللائحة يفغينيا ألباتس (Yevgenia Albats)، رئيسة التحرير الليبراليّة في الصّحيفة الروسية واسعة الإنتشار نيو تايمز (The New Times)، الّتي اتّهمها البرنامج بالرغبة في التخلي عن سيبيريا الى الصين لقولها في برنامج إذاعي أنها “لا ترى أي مأساة كبيرة إذا كان على روسيا أن تقسّم وتصبح حدودها على طول جبال الأورال”. وقُدّم القومي الروسي الكسندر بودنيكوف (Alexander Budnikov)، من نوفوسيبيرسك (Novosibirsk) على أنه مؤسس جيش تحرير سيبيريا والدّاعي لفصل سيبيريا عن الفيدراليّة الرّوسيّة. ونفى بودنيكوف في وقت لاحق الاتهامات في مدوّنته (http://vk.com/id10118456).
أوْلى برنامج “إن تي في” إهتماماً خاصاً لشمال القوقاز، في إحياء متكرّر للادّعاء بأن قوات أجنبية، وتحديدا الولايات المتحدة والمملكة المتحدة، كانت تتدخّل في شؤون المنطقة من أجل تأجيج النّزعة الإنفصاليّة. ومستشهداً بغوردون هان (Gordon Hahn)، وهو من كبار الباحثين في أبحاث الإرهاب و برنامج التعليم في مركز واشنطن للدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS ) ومقره في واشنطن، أكّد الفيديو بأنه حتّى المتخصّصين في الولايات المتحدة يقرّون بأن تنظيم القاعدة متورّط في شمال القوقاز. ومن المألوف في نماذج المعاصرة الوهمية لدعاية التلفزيون الرّوسي، فإنّه يقال بأن تنظيم القاعدة والولايات المتحدة والغرب بشكل عام، يعملون جنبا إلى جنب لتدمير روسيا (http://www.ntv.ru/peredacha/proisschestvie/m4001/o197856/comments/).
وذكر البرنامج عددا من الأشخاص الآخرين على أنهم من بين العناصر الهدّامة التي تريد أيضا تقسيم روسيا – بشكل أساسي قادة المعارضة الرّوسيّة مثل أليكسي نافالني (Alexei Navalny). وبشكل غير متوقع، صُوّر الناشط الشركسي المعروف إبراهيم يغنوف في برنامج تلفزيون “إن تي في” مؤيّداً لإقامة دولة شركسية مستقلة في شمال القوقاز والتي ستشمل مناطق ستافروبول وكراسنودار. أشار معدّوا البرنامج كذلك إلى أنّ الإنفصال الشركسي هو مثل إمارة القوقاز وسيخلق خلافة إسلامية في شمال القوقاز. ومن المثير للاهتمام، فإن الحجج الرّئيسيّة ضد إنفصال شمال القوقاز عن روسيا لم تشمل مصالح الشعوب في المنطقة، بل الخوف من تأثير الدّومينو على الآخرين— وأن المناطق الروسية الأخرى من قد تحذو حذو شمال القوقاز (http://www.ntv.ru/peredacha/proisschestvie/m4001/o197856/comments/).
يبدو أن الرئيس الرّوسي فلاديمير بوتين يشارك هذه النّظرة النّفعيّة المحدودة بشأن شمال القوقاز. في خطاب ألقاه في احتفال عيد الشرطة يوم 10 نوفمبر/تشرين الثاني، حذر بوتين ضباط الشرطة المجتمعين: “يجب أن تولوا الإهتمام باستمرار للوضع في شمال القوقاز. ويتحقق الاستقرار في هذه المنطقة بتكلفة عالية، ، ولكن لا توجد بالنسبة لنا وسيلة أخرى. وحدة الاراضي [الإقليمية] لروسيا، والسلام في أرضنا، وسلامة مواطنينا، يجب حمايتها جيّدا (http://kremlin.ru/news/19593).
تحديد بعض الأشخاص الشّراكسة، مثل إبراهيم يغنوف، على أنهم أعداءاً لروسيا هو تطور جديد نسبياً، ولكن برنامج إن تي في “من يريد تقسيم روسيا ؟” تم بثه في وقت يقترب فيه موعد عقد دورة الألعاب الأولمبية الشّتوية لعام 2014 في سوتشي، مع تركيز السلطات الروسية بشكل متزايد على قضايا الأمن في شمال القوقاز والوضع في الجمهوريات الشركسية. أدانت المواقع الشركسية الهجوم على يغنوف واعتبرته استفزازاً (http://www.aheku.org/news/society/4989).
تظهر تكتيكات موسكو على الجمع بين الضغط على النشطاء الشركس مع التوسع في عملية استمالة البعض منهم. على سبيل المثال، تم تعيين النائب في برلمان جمهوريّة أديغيه محي الدين شيرميت (Mugdin Chermit)، الذي كان في السّابق أحد المشاركين بنشاط في عملية اعادة الشراكسة السوريين إلى شمال القوقاز، نائباً لرئيس دائرة الشؤون الداخلية في منطقة كراسنودار. وفي منصبه الجديد، سوف يكون شيرميت مسؤولاً عن نقل صورة إيجابية عن أولمبياد سوتشي للمجتمعات الشّركسيّة في جميع أنحاء العالم (http://www.yuga.ru/news/313213/).
وفي الوقت نفسه، نفى عضو الجمعيّة الشركسية العالمية من الولايات المتحدة الأميركيّة، نهاد يونس، تقارير وسائل الإعلام ان اعضاء وفد الشراكسة من الخارج الذين نقلوا الى سوتشي قد خرجوا ليعلنوا دعمهم لأولمبياد سوتشي. ووفقا ليونس، فإنّه تم نقل وفدهم في الباص من قرى الشابسوغ في منطقة كراسنودار الى سوتشي بشكل غير متوقع، وخلال زيارتهم للمدينة لم يقم أي عضو من أعضاء الوفد بتأييد عقد دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي. وذكر يونس أنه يؤيد المعارضة الشركسية لدورة الألعاب الأولمبيّة، ومع ذلك أوضح بأنه ليس من المقبول سوى الوسائل السلمية للاحتجاجات (http://www.aheku.org/news/society/4990). الشراكسة يعارضون الألعاب الأولمبية في سوتشي لأنهم يعتبرون التطهير العرقي الذي اقترفته الحكومة الروسية لهذا الإقليم هو أول “إبادة جماعيّة” حصلت في القرن التاسع عشر. وموسكو تقلل باستمرار من أهمية هذه القضية، ومعظم الوقت تلتزم الصمت حيالها، على الرغم من أن الأدلّة التاريخية لما حدث وفيرة جدا، حتى من المؤرخين الرّوس والباحثين الشّركس الذين توصّلوا إلى أرشيفات الجيش القيصري في تبليسي .
مع اقتراب دورة الألعاب الأولمبية، فإن السلطات الروسية تصعّد من الضغوط على بعض النشطاء الشركس، في حين تعطي المناصب الرّسمية لآخرين. هذه السياسة ليست جديدة و كان ينبغي توقّعها من بداية النزاع. إن توفير وسائل التّكيّف المحدودة للمصالح الشخصية لزعماء شركس منتقين قد لا تعمل بشكل جيد هذه المرة، لأن العديد من الشركس يدركون أن أولمبياد سوتشي هي فرصة ذهبية لرفع قضاياهم. واستعداد روسيا لمنح تنازلات سخية لقادة من الشّراكسة هو أيضا محدود إلى حد ما، فمن جهة لأن السلطات تعتقد أنها سوف تكون قادرة بسهولة على السيطرة على الوضع من خلال التهديد والقمع، في حين أن الشركس في شمال القوقاز لا يزالوا مشوّشين جداً لتنظيم احتجاجات سلمية حاشدة. وعد الألعاب الأولمبية، مع ذلك، قد يتغير ويكون بمثابة حافز لإجراء تحسينات في التنظيم الذاتي للشراكسة في شمال القوقاز.
المصدر:
http://www.jamestown.org/single/?no_cache=1&tx_ttnews%5Btt_news%5D=41654&tx_ttnews%5BbackPid%5D=
7&cHash=b10fc591bd3fd730fd29b04c35e747be#.Uo2sj8QbCtZ
نقلاً عن: موقع الناجون من الإبادة الجماعيّة الشّركسيّة على الفيسبوك