هل يخطط بوتين لاستخدام الألعاب الأولمبية مرة أخرى كغطاء للعدوان؟
بول غوبل *( Paul Goble*)
* بول غوبل هو متخصص منذ فترة طويلة بشؤون الشعوب غير الروسية في أوراسيا، ولفترة التسعة أشهر الماضية، يقوم بإعداد تقرير العد التنازلي لسوتشي حيث يصدر كل يوم جمعة على الرابط http://www.windowoneurasia2.blogspot.com/
ترجمة: عادل بشقوي
تحركات موسكو على مدى الأشهر القليلة الماضية تبرهن على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ينظر إلى أولمبياد سوتشي بمثابة فرصة مفيدة لمزيد من القمع ضد الشعوب داخل حدود الفيدرالية الرّوسيّة، ولكن هناك دلائل متزايدة على أنه قد يكون يخطط لاستخدامها، فقط كما فعل في أولمبياد بيجين في عام 2008، كغطاء للعدوان على واحد أو أكثر من البلدان المجاورة .
قبل ست سنوات، شن بوتين حربا عدوانية ضد جورجيا في نفس اليوم الّذي كان فيه العديد من زعماء العالم في بيجين لحضور حفل افتتاح أولمبياد صيف ذلك العام، وبالتالي استغلال الصعوبات التي حتماً تتحدى الحكومات الغربية من حيث المجاملات الدبلوماسية والاتصالات الحكومية وتأخيرها إن لم يكن في الواقع تحد من قدرتها على الاستجابة بسرعة وبقوة لتصرفات بوتين. وبالنظر إلى أن هذه الحكومات نفسها تضغط الآن على جورجيا لكي تتوصل إلى تفاهم مع ما فعلته روسيا في ذلك الوقت، فإن بوتين لديه كل الأسباب للاعتقاد بأن مثل هذه الاستراتيجية يمكن أن تعمل مرّة أخرى.
هل في الواقع يفكر زعيم الكرملين في ذلك الآن؟ هناك ثلاثة أسباب للاعتقاد بأنه قد يكون كذلك – على الرغم من أنه لا توجد هناك حتى الآن أي إشارة واضحة بأنه قد اتخذ قرارا نهائياً. أولاً، على مدى الأشهر القليلة الماضية، فرض بوتين عقوبات اقتصادية ضد أوكرانيا، ومولدافيا، وليتوانيا، ورعى حملات إعلامية ضد جهود هذه البلدان وغيرها في الفلك السوفياتي السابق للاندماج مع أوروبا بدلا من أن تظل خاضعة لموسكو. بعض من هذا الكلام مبالغ فيه ويمثل محتوى ونبرة التعليقات الروسية حول جورجيا في صيف عام 2008 .
ثانياً، مسؤولو وزارة الدفاع الروسية، بمن فيهم وزير الدفاع الحالي، اعتبروا توسع الناتو نحو الشرق كتهديد لروسيا تجاوزه فقط التهديد الّذي يشكله الإرهاب. وعبروا عن غضبهم من التمارين العادية لحلف شمال الاطلسي (NATO) في منطقة بحر البلطيق حتى مع قيام روسيا وشركائها بإقامة تمارين أكبر وأكثر عدوانيّة في نفس المكان. وأنهم اشتكوا من دعوات صدرت عن بعض المسؤولين الاوكرانيين بأن القاعدة الروسية في سيباستوبول (Sebastopol) يجب أن تغلق.
يمكن للمرء أن يتخيل بسهولة سيناريو بأن يمكن لموسكو أن تشير إلى ارتباطات بين عمل إرهابي في القوقاز أو في شبه جزيرة القرم مع ضرورة قيام الفيدرالية الروسية بعمل عسكري في المنطقة أو في شبه الجزيرة، وهو الأمر الذي يعتمد بعض العرقيين الروس في كلا المكانين عليه لدعمه، أو أسوأ من ذلك، الانخراط في استفزازات تهدف إلى “إجبار” موسكو على العمل .
والثالث، مع مثل هذا العمل العدواني وربطه بالإرهاب، يمكن لبوتين أن يصرف الانتباه عن الفساد وعدم الكفاءة في العرض في الفترة التي تسبق الأولمبياد وإلى احتمال أن الألعاب نفسها سوف تكون أي شيء ما عدا أنها تعمل بشكل جيد. وبالتالي يمكن للرئيس الروسي تصوير أي انتقاد له أو للألعاب كما لو أنه انتقاد إلى روسيا نفسها، وهو أمر قام به من قبل بسبب أنه عمل بشكل جيد جداً سواء في الداخل والخارج .
هناك أمران فقط من الأمور التي قد تعيق زعيم الكرملين من اتخاذ هذه الخطوة. فمن جهة، الغرب، حيث أنّه بعد أن شهد استخدام هذه الاستراتيجية من قبل، قد يكون أكثر استعدادا للرد. بالتأكيد، إذا كانت الجهود ترمي لاستبعاد كبار المسؤولين من الدول الأوروبية والولايات المتحدة من حضور فعاليات ألعاب سوتشي، بوتين لن يكون قادراً على الاعتماد على الفوضى التي كانت قد انطوت على زياراتهم لبيجين.
ومن جهة أخرى، فإن مثل هذا الإستخدام للقوّة نظراً للحالة الراهنة ستجد روسيا نفسها في الداخل والخارج في وضع يمكن أن يكون أكثر بكثير من التدمير الذاتي. ومن شأن عدوان كهذا أن يعزل روسيا لفترة أطول بكثير مما فعل ضد جورجيا، وفي وقت يكون اقتصادها في مأزق أكثر خطورة بكثير. ويمكن أن يؤدي ذلك إلى تحركات في أوساط السياسيين في موسكو لاستبدال النظام الحالي وبين الجماعات العرقية والإقليمية في الفيدراليّة الرّوسيّة لتحقيق الاستقلال.
بوتين يعرف كل هذا. أفضل دفاع ضد الخطر بأنه مع ذلك سوف يتبع طبيعته الأسوأ وهي لأولئك المتواجدين في المنطقة وهؤلاء في الغرب ليكونوا على بينة من المخاطر – وإلى أن يكونوا على استعدادٍ للرّد .
المصدر: